تعز في رمضان.. تكافل اجتماعي منقطع النظير رغم الحرب والحصار (تقرير خاص)

رغم الحرب والحصار، والأوضاع الصعبة التي تمر بها مدينة تعز المحاصرة منذ أكثر من أربع سنوات من قبل المليشيات الانقلابية، لم يتخلَّ أبناء المدينة عن القيام بواجباتهم تجاه المجتمع، والمشاركة في مساعدته، والتخفيف من معاناته، ونشر مبدأ التكافل الاجتماعي.

وتنتشر خلال رمضان الفضيل، العشرات من المبادرات التي تستهدف الأسر الفقيرة بالمجتمع، وتعمل على إدخال السرور إليها، ومساعدتها في تحمل أعباء الحياة، أو التحفيف منها، في ظل الأوضاع المعيشية القاسية التي تعيشها معظم الأسر اليمنية، بسبب الحرب المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات.

وتختلف المشاريع والمبادرات التطوعية الرمضانية التي تشمل معظم، إن لم يكن كل أحياء مدينة تعز، من إفطار للصائمين، وتوزيع السلة الغذائية الرمضانية، وسقيا الماء، وتوزيع مبالغ مالية على المرضى والمعسرين، وكلها مبادرات تؤكد أن رقي المجتمعات وتقدمها لا يقاس بتقدمها المادي، بقدر ما يقاس برقيها الفكري وتعزيز مبدأ التكافل والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد.

يقول فؤاد عبد الله، رئيس إحدى فرق المبادرات التطوعية، إن للتكافل آثاره الاجتماعية البالغة، طيلة أيام العام، لكن أثره خلال شهر رمضان يكون له مختلف وله وقع على النفوس، وديننا الإسلامي الحنيف حث على التكافل الاجتماعي، ورغب فيه، في أكثر من موضع، وفرض الزكاة وأمر بالصدقات وكفالة الأيتام ومساعدة الفقراء وغيرها من صور التكافل.

ويضيف عبد الله في تصريح لـ "يني يمن" إن المجتمع القوي المتماسك هو الذي يكوّن بين أفراده تعاوناً وتفاهماً، ومودة ورحمة، ومن الضروري لبقائه وتماسكه أن يظل كذلك، وإلا هدمته نوازل الحياة، وما أكثرها، وأصبح عرضة للخراب والدمار.

وعن نوعية المبادرات التي يقوم بها وفريقه خلال هذا الشهر الفضيل، قال إنها مبادرات بسيطة لكن أثرها كبير، خاصة مع الظروف التي تمر بمدينة تعز، من حرب وحصار وحرب ودمار، وارتفاع للأسعار، وغيرها من المعاناة، وتتنوع بين سقيا الماء وتوزيع السلة الرمضانية، واللحوم، ومبالغ مالية على المرضى والمحتاجين.

وأوضح أن عمل فريقه المكون من 5 أفراد، وجميعهم متطوعون، يبدأ يوميا من بعد صلاة الظهر، وحتى الساعة الرابعة والنصف عصرا، وأحيانا يعملون ليلا حتى استكمال البرنامج اليومي، مشيرا الى أن عملية التوزيع يسبقها مسح للأسر الاكثر فقرا وتضررا، وللأحياء التي لا يتواجد فيها خزانات مياه صالحة للشرب.

وأشار إلى ان الفريق دشن بداية شهر رمضان توزيع التمور، وأبرم عقدا مع محطة لبيع الماء الكوثر، وتم شراء عدد 100 وايت، والاتفاق معها على توزيع هذه الكمية على عدد من الاحياء المحتاجة، لكنه أشار إلى أن الامر لا يسير على ما يرام، كرمضان الماضي بسبب أزمة المياه التي تجتاح المدينة.

وبحسب فؤاد" يقوم الفريق حاليا بالترتيب وشراء السلات الغذائية لتوزيعها على الأسر المستهدفة، وكذا زيارة المستشفيات وتوزيع مبالغ رمزية لأصحاب الحالات الحرجة والعمليات الكبرى، وبعد أيام سيتم تدشين توزيع اللحوم على الفقراء، وكذا شراء كسوة عيد رمضان وتوزيعها بإذن الله.

وعن الجهة التي تقوم بدعم فريقه، أوضح أنه لا توجد جهات داعمة، وكلها جهود شخصية ومساعدات من يمنيين مغتربين في المملكة العربية السعودية وأمريكا، وغيرها، وهذه العام هو الثاني الذي يواصلون فيه تقديم الأعمال الخيرية، للمتضررين في مدينة تعز، مقدما كل شكره وتقديره للمتبرعين.

لم يقتصر القيام بأعمال الخير والتكافل الاجتماعي على فرق المبادرات والجمعيات الخيرية فحسب، وإن كان لها الجزء الاكبر من ذلك، لكن مبدا التكافل يصبح جزء من المهام التي يقوم بها ابناء المجتمع من ذوي القدرة والاستطاعة تجاه بعضهم البعض.

سعيد إبراهيم، (اسم مستعار)، قال إن التكافل في رمضان له أهمية كبيرة، ويؤدي إلى تحسين الأحوال المعيشية للأسر الأكثر احتياجا، ويساعد في القضاء على الفقر، كما إنه يؤدي إلى زيادة قوة المجتمع وزيادة الحب والود والتفاهم والتراحم بين الناس.

وقال إبراهيم وهو موظف، في تصريح لـ "يني يمن" إن حالته الاقتصادية ليست بالجيدة، نتيجة لتدهور الاوضاع بشكل عام، لكنه ورغم ذلك شارك في أعمال التكافل، حسب استطاعته، وقام باقتسام ما جلبه من مصروفات رمضان له ولأخيه المعسر بالتساوي، كأقل واجب يقوم به، داعيا الجميع الى التراحم والتكافل.

وحسب تقارير دولية، فإن نحو 17.8 مليون شخص يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وأدى ارتفاع الأسعار وزيادة حالات النقص إلى تعرض 8.4 ملايين يمني لخطر المجاعة.

ويقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن أكثر من 75% من السكان في حالة طوارئ.

ووفقاً للأمم المتحدة، يعيش حوالي 80% من اليمنيين في حالة فقر، مقارنةً بأكثر من 50% في عام 2014، ويحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات.

ويقدر البنك الدولي أن حوالي ثمانية ملايين يمني فقدوا وظائفهم منذ بدء الحرب في عام 2015.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية