بعد فشل التوصل لإتفاق حول خارطة الطريق.. المبعوث الاممي الى اليمنِ يحذر من عواقب وخيمة على المنطقة كلها


حذر المبعوث الأممي الخاص لليمن هانس جروندبرج، اليوم الاثنين، من التصاعد المتزايد لأعمال العنف في اليمن، مؤكدا أن هذا التصعيد ستكون عواقبه وخيمة على المنطقة بأكملها.

جاء ذلك في إحاطته الشهرية لمجلس الأمن الدولي، مشيرا إلى أنه وبدلا عن تقليص الخلافات وبناء الثقة بين الأطراف اليمنية، نخشى أننا نشهد تصعيدا متزايدا في الجانب الاقتصادي ومؤخرا في الأعمال العدائية في الجبهات.

وأعلن غروندبيرغ عن تعثر التوصل إلى اتفاق حول خارطة الطريق؛ بسبب الأحداث الإقليمية وربط حل الصراع في اليمن بالصراعات الأخرى في المنطقة.

وأضاف: "في ديسمبر/كانون الأول الماضي اتخذت الأطراف خطوة هامة عندما أعربوا لي عن استعدادهم لتفعيل مجموعة من الالتزامات ضمن خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة. للأسف، تعثر الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، والتي أدت إلى تعقيد مساحة الوساطة بشكل كبير".

وأكد جروندبرج أنه "في ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة وعدم وقف الهجمات بشكل كامل في البحر الأحمر وخليج عدن، يظل خطر التصعيد قائماً. وتؤكد التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران وإسرائيل على الحاجة الملحة لمعالجة هذه المسألة".

وأوضح "إذا أهملنا العملية السياسية في اليمن وواصلنا السير على مسار التصعيد، فقد تكون العواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب، بل وعلى المنطقة بأكملها. إن الانخراط مع الأطراف والعمل على خارطة الطريق وعناصرها يمكن أن يفتح آفاقًا للحوار".

وأشار المبعوث الأممي في إحاطته إلى تعثر صفقة تبادل للمحتجزين، والتصعيد المستمر في الجانب الاقتصادي، والذي يزيد حالة تقسيم النظام الاقتصادي الهش في البلاد، والمخاطر المتصاعدة في الشرق الأوسط والحاجة الملحة إلى وقف التصعيد الإقليمي.

ودعا جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات تصعيدية أحادية الجانب والانخراط في حوار بنّاء بحسن نية تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حلول مشتركة من خلال التعاون وتحويل النزاعات إلى فرص لاتخاذ مسار نحو الازدهار المشترك.

وشدد جروندبرج على ضمان ألا يتم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى. ولا يجازف المجتمع الدولي والأطراف "بفرصة اليمن في تحقيق السلام وتحويلها إلى خسائر ثانوية".

 

نص إحاطة المبعوث الأممي لمجلس الأمن- 15 أبريل 2024:

 

شكرًا لك، سيدتي الرئيسة. اسمحوا لي أن أبدأ إحاطتي بتمنياتي لليمنيين والمسلمين في جميع أنحاء العالم بعيد مبارك.

لا شك أننا نجتمع في لحظة خطيرة بشكل خاص في الشرق الأوسط. إن الحاجة إلى وقف التصعيد الإقليمي باتت ضرورة ملحة. أشاطر الأمين العام قلقه بشأن خطر التصعيد الإقليمي وكذلك دعوته لجميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس. إن الجهود المتواصلة والدؤوبة الرامية إلى تعزيز العلاقات السلمية والمستقرة هي أمر حتمي لضمان رفاه سكان الشرق الأوسط. لطالما كان هذا واضحاً منذ زمن بعيد فيما يخص اليمن، وهو مطلب عادل يستحقه الشعب اليمني.

نلتقي أيضًا بعد انقضاء شهر رمضان المبارك. وفي السنوات السابقة، كان شهر رمضان فرصة للأطراف اليمنية لتجاوز الخلافات وتعزيز الأمل وبناء الثقة. فقبل عامين، اتفقت الأطراف على هدنة شاملة في البلاد، لاقت استحسانًا كبيرًا، والتي وفرت منذ ذلك الحين هدوءًا نسبيًا على الخطوط الأمامية اليمنية. وفي العام الماضي، تم إطلاق سراح أكثر من تسعمائة محتجز ، مما أتاح لهم قضاء العيد مع عائلاتهم وأحبائهم.

مع الأسف، لم تحمل هذه السنة مشاهد الاحتفال التي نتوق لها. لا يزال المحتجزون ، الذين كنا نتطلع لإطلاق سراحهم في الوقت المناسب لقضاء عيد الفطر مع أحبائهم ، قيد الاحتجاز. والطرق التي كنا نأمل أن يتم فتحها ما زالت مغلقة. كما شهدنا مقتل وإصابة ستة عشر مدنياً بينهم نساء وأطفال بشكل مأساوي عندما قام أفراد أنصار الله بتفجير منزل في محافظة البيضاء.

عوضًا عن تقليص الخلافات وبناء الثقة، السيدة الرئيسة، أخشى أننا نشهد تصعيداً متزايداً من قبل الأطراف. فعلى الصعيد الاقتصادي، تتخذ الأطراف إجراءات أحادية الجانب تهدد بتفاقم تقسيم النظام الاقتصادي. فتفكك العملة المتداولة في مناطق سيطرة أنصار الله يشكل معضلة اقتصادية جوهرية للشعب اليمني، ويزيد من تعقيد الوضع السلطة المتنازع عليها للبنك المركزي اليمني. إن التحديات التي يواجهها الاقتصاد اليمني تتطلب استجابة استراتيجية ومنسقة تتماشى مع تسوية النزاع على المدى الطويل.

على الرغم من أن الوضع العسكري على مستوى البلاد ما زال مستقرًا نسبيًا مقارنة بما كان عليه قبل أبريل 2022، إلا أننا شهدنا مؤخرًا تصعيدًا للأعمال العدائية على عدة جبهات، لا سيما في الضالع ولحج. كما تم الإبلاغ عن تحركات عسكرية واشتباكات متفرقة وتبادل لإطلاق النار في محافظات الحديدة ومأرب وصعدة وشبوة وتعز.

السيدة الرئيسة، ما يحتاج إليه اليمنيين بالأساس هو وقف شامل لإطلاق النار، وتحسين للظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية جامعة تضم بشكل فاعل أطياف واسعة من الأصوات، بما في ذلك النساء والشباب والمجتمع المدني والفئات المهمشة. لقد ركز نهج الوساطة الذي اتبعته على تحقيق هذه الأهداف بالتحديد. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، اتخذت الأطراف خطوة هامة عندما أعربوا لي عن استعدادهم لتفعيل مجموعة من الالتزامات ضمن خارطة الطريق التي ترعاها الأمم المتحدة. للأسف، تعثر الزخم نحو التوصل إلى اتفاق بسبب الأحداث الإقليمية، والتي أدت إلى تعقيد مساحة الوساطة بشكل كبير.

لازال تصعيد الأوضاع في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن مستمرًا ، والذي دخل الآن شهره السادس، حيث استهدف أنصار الله عدة سفن تجارية وعسكرية ،كما قامت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتنفيذ هجمات على أهداف عسكرية في مدن الحديدة، حجة، صنعاء، وتعز. وفي ظل غياب وقف إطلاق النار في غزة وعدم وقف الهجمات بشكل كامل في البحر الأحمر وخليج عدن ، يظل خطر التصعيد قائماً. وتؤكد التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران وإسرائيل على الحاجة الملحة لمعالجة هذه المسألة. يتعيّن على المنطقة، وبدعم المجتمع الدولي، أن تسعى إلى إيجاد سبل للتعايش تعتمد على بناء الثقة بشكل تدريجي، و الأمن المشترك والابتعاد عن عقلية المحصلة الصفرية المتمثلة في تحقيق النصر على حساب الآخرين.

السيدة الرئيسة، بينما باتت النزاعات في اليمن والمنطقة المحيطة به متشابكة بشكل لا يمكن تجاهله، أعتقد بقوة أنه يتوجب علينا ضمان ألا يتم ربط حل الصراع في اليمن بتسوية القضايا الأخرى. يجب ألا نجازف بفرصة اليمن في تحقيق السلام وتحويلها إلى خسائر ثانوية لقد تكبّد الشعب اليمني، بما في ذلك السبعة عشر مليون نسمة الذين ما زالوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء، معاناة طويلة بما يكفي. إن السلام في اليمن له قيمة جوهرية وأنا مقتنع أن اليمن الذي يعيش في سلام مع نفسه ومع جيرانه سيكون له تأثير إيجابي على الديناميكيات الإقليمية.

إذا أهملنا العملية السياسية في اليمن وواصلنا السير على مسار التصعيد ، فقد تكون العواقب وخيمة، ليس على اليمن فحسب، بل وعلى المنطقة بأكملها. إن الإنخراط مع الأطراف والعمل على خارطة الطريق وعناصرها يمكن أن يفتح آفاقًا للحوار. ولذلك فإنني مستمر على اتصال وثيق مع جميع الأطراف لبناء الثقة واستكشاف الحلول. وسيستمر مكتبي في تقديم الدعم ومساعدة الأطراف في فتح الطرق، وحل الخلافات الاقتصادية الصعبة، وإحراز تقدم في خارطة الطريق، والتحضير لتنفيذها. وسنواصل أيضًا عملنا من أجل إطلاق سراح المحتجزين. وفي الوقت نفسه، أدعو الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات تصعيدية أحادية الجانب والانخراط في حوار بنّاء بحسن نية تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حلول مشتركة من خلال التعاون وتحويل النزاعات إلى فرص لاتخاذ مسار نحو الازدهار المشترك.

السيدة الرئيسة، في زياراتي الأخيرة إلى واشنطن والرياض ومسقط وموسكو، شددت على الحاجة إلى وقف التصعيد في البحر الأحمر ومواصلة التركيز على الغايات البعيدة المدى لليمن: والتي تتضمن عملية سياسية يمنية داخلية تفضي إلى سلام مستدام وعادل، تفتح المجال لإعادة الإعمار والتقدم الاقتصادي. سعدت بمعرفتي بأن جميع من تحاورت معهم ما زالوا متحدين في دعمهم لهذه الأهداف. سأعتمد على هذا الدعم ودعم هذا المجلس في الأشهر المقبلة.

 

شكرا السيدة الرئيسة.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية