اليمن الكبير|| المهرة بوابة اليمن الشرقية

القاتل الصامت.. ألغام الحوثيين في الحديدة تقتل السكان وتحاصرهم براً وبحراً (تقرير خاص)‎

بينما كان العالم يحتفي باليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام الذي يصادف الرابع من أبريل كل عام، كانت الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي بانتظار "حسن خادم وزوجته" ورفيقهم عارف وهيب، الذين سقطوا ضحايا لغم حوثي انفجر بدراجتهم النارية، في بلدة الجبلية التابعة لمديرية التحيتا بمحافظة الحديدة غربي اليمن.

لم يكن حسن خادم وزوجته ورفيقهم عارف أول ضحايا الألغام وربما لن يكونوا آخرهم، فمنذ إعلان اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة في 18 ديسمبر 2018م، قتل نحو 56 مدني بينهم 20 طفلاً وسبع نساء، فيما أصيب 31 من بينهم تسعة أطفال كلهم من أبناء الحديدة، بحسب تقرير حقوقي أعده راصدون محليون في الحديدة، واطلع "يني يمن" على نسخة منه.

وكشف الناشط اليمني "مجاهد القب" في مداخلة مسجلة أمام اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في مدينة جنيف، مارس الماضي، أن الحديدة باتت تجثوا على 37 حقلاً في 17 مديرية بالحديدة كل حقل يضم أكثر من ألف لغم فردي وأخرى مخصصة للمركبات، وأضحى نحو 800 ألف مدني محاصرين بين الألغام المنتشرة في البر والبحر، وحرمت السكان من الزراعة والصيد خشية الموت أو الإعاقة، ناهيك عن تلغيم وتفخيخ أكثر من 93 منشأة صناعية وتجارية، ومنازل السكان في الأحياء الشرقية والجنوبية لمدينة الحديدة.

 ألغام في البر والبحر

يقول "غالب القديمي" وهو أحد الراصدين في اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، أن جماعة الحوثي ومنذ سبتمبر 2014م، إبان انقلابها على الحكومة الشرعية وسيطرتها على الحديدة، زرعت الشواطئ بالألغام تحسبا لهجوم بحري تقوم به القوات الحكومية والتحالف العربي، لكن وبعد تقدم القوات الحكومية في الساحل الغربي مطلع العام 2018م، وسعت الجماعة من حقول الألغام لتشمل المزارع والطرقات والمنازل التي نزح منها سكانها وحتى المقابر والمساجد، والمنشآت العامة مثل المصانع والمدارس والمراكز الصحية كلها لم تسلم من الألغام.

وأكد القديمي في حديث خاص لـ "يني يمن" أن جماعة الحوثي لم تراعي الجانب والبعد الانساني، حيث أن أكثر ضحايا هذه الالغام هم من المدنيين، الذين يسقطون بشكل يومي بين قتيل أو جريح أو معاق، مشيرا أن اللجنة لم ترصد زراعة أي لغم من قبل القوات الحكومية والتحالف، بل قامت بتشكيل فرق متطوعة دربتها لتعمل على نزع هذه الألغام التي قتلت الإنسان والحيوان.

وفي أقصى الشمال الغربي لمدينة الحديدة حيث بلدة الخوبة الساحلية والتابعة لمديرية اللحية، يروي السكان حوادث مفجعة فقدت خلالها هذه البلدة الصغيرة عشرات الصيادين خلال رحلات اصطياد محفوفة بالموت، كان آخر تلك الحوادث في 13 فبراير الماضي حين سقط 15 صيادا بين قتيل وجريح جراء انفجار قاربهم بلغم بحري، بالقرب من جزيرة "بضيع" التابعة للحديدة، وكان معظم الضحايا ينتمون لعائلة واحدة هي عائلة "أبكر جتيم".

وعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على اتفاق ستوكهولم، الذي يتضمن تسليم الحوثيين خرائط الألغام المزروعة في محيط مطاحن البحر الأحمر، وموانئ الصليف ورأس عيسى والحديدة، إلا أن الجماعة ترفض تنفيذ الاتفاق حتى اليوم، بينما يؤكد مقربون من الجماعة أن فرقها الهندسية زرعت الألغام بشكل عشوائي ودون خرائط، وأدى ذلك لمقتل عدد من مسلحيهم في جزيرة كمران ومنطقة رأس عيسى، نتيجة عدم معرفتهم بأماكن الألغام.

أرقام مفزعة

وتشير آخر الإحصائيات المسجلة فقط لضحايا الألغام إلى مقتل 2584 مدني في المحافظات اليمنية خلال سنوات الحرب الأربع، ناهيك عن إصابة أكثر من 10 آلاف، وكان للحديدة نصيب وافر بواقع 129 قتيل خلال 2018م فقط، فيما أصيب 75 معظمهم نساء وأطفال بحسب تحالف رصد الحقوقي.

وتؤكد التقارير الحكومية انتزاع ما يقارب 500 ألف لغم وعبوة ناسفة منذ اندلاع الحرب، فإن هناك ما يزيد عن مليون لغم وعبوة ناسفة مازالت مزروعة ولم يتم نزعها، بحسب مركز "مسام" لنزع الألغام، الذي أطلقته السعودية في اليمن، والذي أعلن مؤخرا انتزاع أكثر من 55 ألف لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير منفجرة، في المناطق المحررة فقط منذ يونيو العام الماضي وحتى مارس 2019م في خمس محافظات فقط.

 وفي غضون شهر مارس الفائت فقط فجرت القوات الحكومية في الحديدة أربع دفعات من الألغام نزعت من القرى والأحياء السكنية والطرق المحررة، فيما لا تزال عشرات آلاف الألغام مزروعة في أحياء مدينة الحديدة وأريافها، فيما تمكنت قوات المنطقة العسكرية الخامسة من انتزاع حوالي 500 لغم بحري خلال العام 2018 فقط، معظمها زرعت على الطريق الدولي قبالة سواحل مديريتي ميدي وحرض الحدوديتين مع السعودية، والتابعتين لمحافظة حجة.

وفي حين يواجه اليمنيون مخاطر كبيرة جراء الالغام التي خلفها الصراع الدموي للعام الخامس على التوالي في هذا البلد الفقير، تقول الأمم المتحدة إن الصراع في اليمن خلّف وراءه الكثير من الألغام الأرضية، والذخائر غير المنفجرة وغيرها من مخلفات الحرب القابلة للانفجار، وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، في تغريدة لها على "تويتر"، أنها وثقت مقتل وإصابة 228 طفل في اليمن، سقطوا بين قتيل وجريح، خلال 2018، بسبب الألغام وبقايا متفجرات الحرب، كان آخرهم طفلين قتلا فيما أصيب سبعة آخرون، الأسبوع الماضي إثر انفجار بقايا متفجرات في مدرستهم في منطقة همدان بضواحي العاصمة صنعاء.

وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن الألغام ستخلف أجيالاً من المشوهين، وتبعاتٍ لا تقف عند الأسر فحسب إنما تتعداها إلى المجتمع ككل، وقال معهد واشنطن أنه على الرغم من وجود ألغام أرضية في اليمن منذ عقود بسبب نزاعات مختلفة، إلا أن المتمردين الحوثيين يقومون باستخدامها حاليا "بمعدل عال يسبب الذهول"، وهي الأعلى عالميا منذ الحرب العالمية الثانية، وأكد تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية أن الألغام في اليمن، تقبع تحت رمال الصحراء المتحركة، ووسط ركام الطرق، وداخل المدارس المهجورة، وعلى استعداد للانفجار لمسة صغيرة.

       اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"


أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا