المراكز الصيفية الحوثية خطة ممنهجة لتكريس الطائفية في عقول الأطفال
يحشد الحوثيون منذ نحو شهر بشكل غير مسبوق من أجل استقطاب الطلاب والأطفال إلى المراكز الصيفية التي أعلنوا عنها هذا العام، في الوقت الذي يعملون طوال العام على تفريخ المدارس الحكومية وتعطيل الدراسة فيها، والزج بالطلاب في جبهات القتال.
ويسعى الحوثيون من خلال تلك المراكز لتعبئة الطلاب ثقافة طائفية ومن خلالها يتم غسل أأأدمغتهم وتجنيدهم ضمن صفوفهم، ويقول الحوثيون أنهم يسعون لتثقيف الأطفال بما يسمونها "الثقافة القرآنية" وهو شعار ديني تعبوي للحوثيين يستخدمونه لتوعية أنصارهم في تنظيمهم الطائفي.
ويخشى السكان في العاصمة صنعاء على أطفالهم أن يكونوا فريسة للتعبئة الطائفية التي يبثها الحوثيون بشكل مكثف وممنهج في مناسبات مختلفة، وهذا المرة يستغلون إجازة الطلاب الصيفية، والتي يستنفر الحوثيون كل قواهم من أجل استقطاب الطلاب بشكل مستمر.
دعاية مكثفة
يستخدم الحوثيون كافة الوسائل الدعائية والفعاليات المختلفة من أجل جلب الطلاب إلى المراكز الصيفية، حيث عملوا على بث إعلانات دعائية في الإذاعات المحلية، بالإضافة إلى القنوات التابعة لهم والتي تعمل على تغطية تلك الفعاليات المصاحبة للمراكز الصيفية بشكل مكثف، وتخصيص برامج مختلفة لحث أولياء الأمور على الدفع بأبنائهم لتلك المراكز.
وخصص زعيم الحوثيين كلمة متلفزة لدعوة أنصاره والسكان في المناطق التي يسيطرون عليها للتفاعل مع المراكز الصيفية، في الوقت الذي ينفذ المسؤولون التابعون للحوثيين زيارات ميدانية مستمرة لتلك المراكز، على كافة المستويات القيادية في سلطات الأمر الواقع للحوثيين.
ونقلت وكالة "سبأ" - النسخة الحوثية في صنعاء - أن عدد الطلاب المسجلين بالمراكز بلغوا 250 ألف طالب وطالبة وعدد المراكز وصل إلى 3500 مركز، في المحافظات التي يسطرون عليها. في المقابل يرى كثير من المراقبين أن أرقام الحوثيين مبالغ فيها وهي ضمن الدعاية لمراكزهم التي يعرف السكان أهدافها جيداً.
ويستخدم الحوثيون المساجد والمدارس والمنشآت الحكومية لإقامة تلك المراكز الصيفية، وخصصوا منهج تعبوي طائفي يركز على تحفيز الطلاب والأطفال على القتال، حيث تهدف تلك المناهج في مجملها إلى استقطاب مقاتل في صفوفهم ومؤمن بأفكارهم.
تجنيد مقاتلين للمستقبل
منذ أربع سنوات ونصف من الحرب لم يدخر الحوثيون أي جهد، من اجل استقطاب مقاتلين في صفوفهم، او حتى أنصار يعملون معهم ومؤيدين لانقلابهم، وخلال السنوات الماضية أعلنوا عما أسموها "الدورات الثقافية" واستهدفوا كل فئات المجتمع، وفرضوها على غالبية موظفي المؤسسات الحكومية مقابل رواتبهم او ترقيتهم في وظائفهم.
ومنذ نحو ثلاث سنوات من انقطاع رواتب الموظفين وخاصة التربويين، أدى ذلك إلى انهيار شبه كلي للتعليم جراء الإضراب الشامل للمدرسين، واستغل الحوثيون هذا الفراغ في تجنيد طلاب الثانوية بدرجة رئيسة عن طريق معلمين حوثيين تم توزيعهم في عشرات المدارس في صنعاء.
وفي العام 2017 دعا القيادي الحوثي حسن زيد – المعين وزير للشباب والرياضة في الحكومة الحوثية الغير معترف بها دوليا- إلى اغلاق المدارس وارسال الطلاب إلى جبهات القتال لحسم المعركة. وهو ما أثار ردود فعل دولية حيث استنكرت اليونيسف ذلك التصريح في حينه. ومن المقاربات المؤكدة على توجه الحوثيين لاستقطاب مقاتلين فإن القيادي نفسه هو اليوم مشرفاً عاما على المراكز الصيفية الحوثية.
ووفقا لسكان محليين في صنعاء "فإن الحوثيون يستهدفون الأطفال دون سن الخامسة عشر بالتحديد لاستقطابهم إلى المراكز الصيفية الحوثية". وهي عملية ممنهجة لتفخيخ مستقبل الأجيال القادمة لتغذية جبهات الحوثيين بمقاتلين بشكل مستمر.
الأهالي يخافون على أطفالهم
"محمد الكامل" - تربوي يسكن في العاصمة صنعاء- يخشى على أطفاله أن يقعوا ضحية التعبئة الحوثية المستمرة والاستقطاب الحاد الجاري للطلاب، يقول "أبنائي الخمسة كلهم تعرضوا لعملية استقطاب من قبل الحوثيين لكن حرصي الشديد على متابعتهم وتوصيتهم منع أن يلتحقوا بأي فعاليات".
وأضاف في حديث لـ "يني يمن" رغم أني أثق أن أبنائي يتفهمون خطورة الالتحاق في أي نشاط تابع للحوثيين، لكن ذلك غير مطمئن لي نهائياً بسبب الدعاية الضخمة التي يبثونها في عقول الطلاب في كل مناحي الحياة بشكل مستمر ومكثف مما يجعلها خطيرة على المدى البعيد.
ويرى التربوي "الكامل" أن الحوثيين يمضون ضمن هدف بعيد المدى في عملية التعبئة للأطفال مستغلين سلطتهم وحكمهم للمحافظات التي يسيطرون عليها، ويملكون أدوات الترغيب والترهيب لتلك الخطط التي تهدف للتعبئة الطائفية في عقول الصغار وتربيتهم على ذلك.
ورغم أن هناك وعي كبير بخطر الحوثيين واستقطابهم للطلاب مما يجعل الأهالي أكثر حرصاً على أبنائهم، ففي العاصمة صنعاء الإقبال على المراكز أقل بكثير من حجم السكان الكبير ويقتصر على أنصار الحوثيين وبعض الأطفال الذين أسرهم لا تهتم بالتعليم بشكل كبير، لكن الأخطر هو في المناطق الريفية النائية والتي تعتبر مخزن بشري كبير ومن السهولة استقطاب المئات بسبب تفشي الأمية والفقر بنسب عالية.
ومنذ بداية الحرب خسر الحوثيون كثير من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها، لكنهم تفوقوا بشكل كبير الاستقطاب بمناطق سيطرتهم وتوسيع نفوذهم بشكل لافت، فقبل الحرب كانوا أضعف بكثير، لكن طول أمد الحرب وسع نفوذهم ترك لهم مجالا واسعاً للتمدد.




التعليقات