رمضان في عدن.. ارتفاع فاحش في الأسعار يقابله كفاح الباعة والمواطنين (تقرير خاص)
لم تكن حركة السير في أسواق العاصمة المؤقتة عدن كما كانت عليه في الأعوام السابقة، لكنها لم تتوقف، فالكثير لا يزالون يترددون على الأسواق رغم الارتفاع الجنوني الذي طغى على أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية وكذلك كسوة الأطفال. وفي العام الجاري تعاني عدن من هذا الارتفاع وخاصة بعد أن اكتظت شوارعها باللاجئين والنازحين من داخل اليمن وخارجها.
تقول "بشرى على صالح" (أم لطفلين)، "الكل يدرك الارتفاع الحاصل في الأسعار، سواء كان للمواد الغذائية أو للملابس أو لغيرها"، مستهجنة استغلال التجار لموسم رمضان ورفعهم للأسعار، وتعلق "رمضان شهر رحمة وخير".
وأضافت لـ "يني يمن"، "لي فترة من قبل شهر رمضان وأنا أحاول شراء ثياب العيد للأطفال ولم أستطع بسبب الأسعار المبالغ فيها وسوء جودة البضاعة التي تفاجأت بسعرها، أصبحت بدلة بنت عمر سنه تصل إلى 11-16 الف وكذلك الحذاء صار بـ4500 أقل حذاء.. هذه كارثة".
وأشارت صالح إلى الظروف "الصعبة" التي تمر بها بعض الأسر اليمنية في عدن، والتي تعمل جاهدة لتوفير مستلزمات غذائية للمنزل، "فكيف بإمكانها شراء المستلزمات الأخرى؟!". وأضافت: "أنا عندي طفلين لم أستطيع أجهز لهم ثياب العيد فكيف بالأسر التي تمتلك خمسة أو ستة او عشرة أطفال".
ولفتت الى تعامل التجار وأصحاب المحلات التجارية "بغرور وقسوة" مع الزبائن، "دون مراعاة لظروفهم المادية وحياتهم المعيشية التي يمرون بها"، مؤكدة إن هذا دليل على احتكار السوق من قبل تجار معينين، "وطبعا كل أعذارهم؛ بسبب ارتفاع العملة".
التجار متفائلون رغم الغلاء
ورغم أن حركة البيع والشراء في أسواق عدن منخفضة، مقارنة بالأعوام السابقة، الا أن التجار متفائلون جدا بعودة عملية البيع والشراء كما كان في السابق.
يقول التاجر "أحمد على نعمان"، الذي يعمل في بقالة للخضروات والفواكه، "ما زال شهر رمضان في البداية ولا يوجد إنتاج للسلع لكن الله كريم وهو المسهل والميسر لكل أمورنا وإن شاء الله تعود الاوضاع كالسابق".
وأضاف لـ "يني يمن"، "أنا ما زلت متفائل بأن رمضان لن ينتهي الا وقد عادت حركة البيع والشراء كما كانت من قبل".
أما الحاج "صلاح شرف"، الذي يعمل في صناعة السمبوسة والباجية والكباب منذ "50 عام"، فيقول: "رغم أننا أعمل منذ فترة طويلة في هذا المجال تتزايد الأسعار باستمرار وخاصة في هذا العالم".
وذكر أن أسعار الدقيق والزيت والخضروات المستخدمة في صناعة السمبوسة والكباب والباجية ارتفعت، "مما أدى الى قلة الزبائن. ورمضان هذا العام ليس كبقية الأعوام، نأمل أن يتحسن وضع البلاد وتعود الأسعار كما كانت".

مِهن جديدة تبرز في رمضان
"لم أحظى بأي عمل آخر ويأتي شهر رمضان فرصة لأمارس عمل بيع السحاوق "البسباس" بكل أنواعه..."، هكذا قال "جلال يحي" وسط أصوات تتعالى باسمه من الزبائن "يا جلال.. يا جلال! واحد سحاوق بالثوم" والآخر ينادي "واحد سحاوق بالطماط".
"جلال"، الرجل المكافح الذي حاول استغلال إمكانياته البسيطة لأجل توفير لقمة العيش له ولأسرته، يحظى باهتمام كبير من قبل زوار السوق، فمنذ 17 عام وهو يمارس مهنة بيع السحاوق في سوق مديرية كريتر بمدينة عدن، وسط زحام وتسابق كبير من قبل الزبائن والزائرين لبسطته (مكان عمله) على الرغم من ممارسته لعمله في شهر رمضان فقط.
يواصل " جلال" حديثه لـ "يني يمن"، "السحاوق يعد أحد أهم الوجبات في شهر رمضان لأنه يستخدم مع "الشفوت" (وهي وجبة مفضلة لدى أغلب الشعب اليمني) وأنا بفضل الله أحصل على دخل جيد من ممارستي لهذه المهنة".
باعة اللحوح والحقين
تبرز أهمية بيع اللحوح والحقين البلدي في أسواق المدينة خلال شهر رمضان بشكل ملحوظ. لا تكاد تمر بضع خطوات في السوق إلا وترى من يقف خلف طاولة صغيرة يبع هذا المنتج المحلي المتواضع، الذي يجلبه أغلب البائعين من القرى والأرياف المجاورة لمدينة عدن.
هذا ما نقله لـ "يني يمن" البائع "صالح علي" الذي يعمل في بيع الحقين البلدي المصنوع بالطريقة التقليدية القديمة والمستخرج من حليب البقر. وكذلك اللحوح المخبوز بالجمر والمكون من أنواع عديدة من الحبوب المطحونة والمخلوطة مع بعضها واللاتي يستخدمن مع بعض لتكوين وجبة فطور شهيرة في اليمن تسمى "الشفوت".
اختتمنا جولتنا في سوق كريتر بنظرات بائسة للبائع "فؤاد محمد" الذي يعمل في بيع الشاي العدني منذ 13 عام، وهو في هذا العام يعاني مرارة ارتفاع الأسعار، فليس المواطنون وحدهم من يعانون من الارتفاع الجنوني للأسعار، بل الجميع يعاني، من يبع السلعة ومن يشتريها.







التعليقات