"رمضان" آخر يعود على سكان الحديدة في ظل الحرب ومعاناة التشرد والنزوح (تقرير خاص)

تعيش "زهراء يحيى" وفتياتها الثلاث داخل منزل صغير عبارة عن غرفة نوم وصالة صغيرة فقط، في ظل ظروف معيشية صعبة وارتفاع كبير لدرجات الحرارة، داخل أحد الأحياء المكتظة بالسكان وسط مدينة الحديدة، غربي اليمن.

تروي زهراء معاناتها في رمضان مع انقطاع الكهرباء وارتفاع درجات الحرارة، وبيتها الصغير الذي تقيم فيه وبرفقتها شقيقتها الأخرى "آمنة" التي هي أيضا أم لطفلة لم تتجاوز الرابعة من عمرها، وأزواجهن الذين يعانون شظف العيش والبطالة ما يدفعهم للعمل في بيع نبتة القات مقابل الحصول على مبلغ لا يتجاوز 3 دولارات في اليوم الواحد، وهو مبلغ لا يكفي لإعالة أطفالهن.

وتتحدث زهراء لـ "يني يمن"، عن قضائهم ساعات المساء على سطح منزلهم بحثا عن الهواء البارد، لكن نهار رمضان الحار يكوي أجسادهم المنهكة بالصيام، ويفتك بفتياتها بعد أن تسبب الحر في تفشي الأمراض الجلدية والكوليرا أيضا.

المعارك تفاقم المعاناة

وتعرف مدينة الحديدة الساحلية المطلة على البحر الأحمر بطقسها الحار على مدار السنة، وتبلغ ذروة الحرارة في أيام رمضان مع فصل الصيف حيث تتجاوز درجات الحرارة 45 درجة، لكن ما يفاقم معاناة سكان الحديدة الذين يعيش معظمهم تحت خط الفقر، هو انقطاع التيار الكهربائي بشكل كلي منذ 3 أعوام في ظل سيطرة الحوثيين على المدينة، وبات معظم السكان يعتمدون على الطاقة الشمسية، لكنها لا تفي بالغرض وسرعان ما ينتهي مخزون الطاقة التي لا تشغل أجهزة التكييف.

يؤكد الناشط اليمني "بسيم جناني" أن رمضان يأتي هذا العام في ظل حالة استثنائية يعيشها السكان، مع استمرار المعارك داخل الحديدة وأطرافها، وما خلفته المعارك من تشرد ونزوح الآلاف من السكان، وتوقف أعمال أكثر من 20 ألف عامل نتيجة الدمار الذي لحق بالمجمعات الصناعية المتواجدة، في منطقة كيلو 7 شرق الحديدة.

ويضيف جناني لـ "يني يمن"، أن المعارك فاقمت من معاناة السكان، الذين يعيشون أوضاع مأساوية منذ أربعة أعوام على سيطرة الحوثيين وقبضتهم الأمنية الشديدة، ويواجه السكان شبح المجاعة والأوبئة القاتلة كالكوليرا والضنك وسوء التغذية وغيرها، في ظل فشل المنظمات الدولية عن القيام بواجبها وعجز الأمم المتحدة عن إيقاف المعارك المستمرة أيضا في المديريات الجنوبية للحديدة.

عام الحرب

وفي الأيام الاخيرة من رمضان العام الماضي في منتصف حزيران/يونيو 2018، شنّت القوات الموالية للحكومة اليمنية بدعم من قوات إماراتية مشاركة في تحالف عسكري بقيادة السعودية، حملة عسكرية للسيطرة على مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية، ودفعت المعارك مئات العائلات إلى النزوح عن منازلها القريبة من مواقع المواجهات.

ومع وصول المعارك إلى الأحياء الجنوبية والشرقية للحديدة، أغلقت منافذ المدينة، وبنى الحوثيون مئات الخنادق والأنفاق داخل طرقات وأحياء المدينة وزرعوا الكثير من الأحياء بالألغام والعبوات الناسفة، وبات أكثر من 300 ألف مدني محاصرون وعالقون داخل منازلهم، فيما شردت الآلاف من العائلات إلى مخيمات النزوح المنتشرة في عموم اليمن.

وبلغ عدد العائلات النازحة من الحديدة إلى جميع أنحاء البلاد أكثر من 174 ألفا، تمثل أكثر من مليون و48 ألف فرد، خلال الفترة بين يونيو 2018 و15 يناير/كانون الثاني 2019، بحسب تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن.

وتوصّل طرفا النزاع لاتفاق في السويد في كانون الأول/ديسمبر 2018، نصّ على سحب جميع المقاتلين من مدينة الحديدة، ومن مينائها الحيوي ومن ميناءين آخرين تحت سيطرة الحوثيين في محافظة الحديدة، لكن الاتفاق لم يطبّق بعد، وسط اتهامات متبادلة بخرق وقف لإطلاق النار.

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية