تمرد إداري في المهرة.. المحافظ يتحدى قرار مجلس القيادة الرئاسي ويأمر بالسيطرة على إيرادات منفذ شحن بالقوة
في تطور خطير يعكس عمق الخلافات بين السلطة المركزية والسلطات المحلية في اليمن، أعلن محافظ محافظة المهرة رفضه العلني لقرار مجلس القيادة الرئاسي، وأصدر توجيهات باستخدام القوة لتحويل إيرادات منفذ شحن الحدودي إلى حساب المحافظة مباشرة، متجاوزًا بذلك صلاحيات مصلحة الجمارك وتوجيهات الحكومة المركزية.
هذا القرار المفاجئ أشعل أزمة حادة بين الجانبين، دفعت إدارة المنفذ ورئاسة مصلحة الجمارك إلى رفع مذكرات عاجلة إلى مجلس القيادة الرئاسي ورئاسة الحكومة، واصفين تصرف المحافظ بأنه "انقلاب رسمي على قرارات الدولة وتحدٍّ صريح لسلطاتها".
أزمة مفتوحة وتوتر متصاعد
وبحسب مصادر محلية مؤكدة، تصاعد التوتر داخل محافظة المهرة بعد أن أصدر المحافظ قرارًا بتشكيل لجنة خاصة تتولى السيطرة الكاملة على الإيرادات الجمركية في منفذ شحن، وتحويلها بشكل مباشر وحصري إلى حساب السلطة المحلية في المحافظة، متجاهلًا قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم (11) الذي ينظم عملية تحصيل وتوزيع الإيرادات بين المركز والمحافظات.
ولفرض قراره، وجه المحافظ تهديدات مباشرة إلى موظفي إدارة المنفذ بالسجن في حال رفضهم تنفيذ أوامره، محذرًا إياهم من الالتزام بقرارات مصلحة الجمارك الرسمية، الأمر الذي تسبب في شلل إداري داخل المنفذ وخلق حالة من الفوضى والترقب بين الموظفين.
تحرك عاجل من مصلحة الجمارك
إدارة منفذ شحن بادرت بإرسال مذكرة عاجلة إلى رئاسة مصلحة الجمارك في العاصمة المؤقتة عدن، شرحت فيها ما يجري بالتفصيل، ووصفت الأوضاع داخل المنفذ بأنها "فوضى عارمة وتهديد مباشر لسيادة مؤسسات الدولة".
بدورها، رفعت رئاسة مصلحة الجمارك مذكرات رسمية عاجلة إلى مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، طالبت فيها بالتدخل الفوري والعاجل لإيقاف ما وصفته بـ"التمرد الإداري والانقلاب على قرارات الدولة"، محذّرة من أن استمرار هذه الإجراءات يضر بـالاقتصاد الوطني ويسيء إلى سمعة اليمن في التعاملات التجارية الدولية.
أبعاد وخلفيات الأزمة
تأتي هذه الأزمة في وقت حساس تشهد فيه اليمن انقسامات سياسية واقتصادية حادة، حيث يُعد منفذ شحن الحدودي من أهم المنافذ الاقتصادية في شرق البلاد، وتشكل إيراداته مصدرًا رئيسيًا لخزينة الدولة.
ويرى مراقبون أن خطوة المحافظ تمثل تحديًا مباشراً لسلطة الحكومة المركزية، ومحاولة لتعزيز النفوذ المحلي السياسي والاقتصادي في المحافظة على حساب الدولة، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام تمردات مماثلة في محافظات أخرى، خصوصًا في ظل ضعف القبضة المركزية وازدياد حدة الصراعات بين القوى المحلية.
الوثائق الرسمية الصادرة عن مكتب جمارك شحن التابع لوزارة المالية اليمنية، والتي تحمل أختامًا وتوقيعات رسمية، تؤكد أن المنفذ يخضع إداريًا لمصلحة الجمارك وفق الهيكل التنظيمي للدولة، ما يعزز موقف المصلحة القانوني في مواجهة قرارات المحافظ.
موقف الحكومة المرتقب
حتى اللحظة، لم يصدر تعليق رسمي من مجلس القيادة الرئاسي أو الحكومة على هذا التحدي، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن رئاسة المجلس تدرس اتخاذ إجراءات قانونية حازمة لضمان استعادة السيطرة على موارد الدولة.
ويُتوقع أن يشكل رد الحكومة ومجلس القيادة على هذا التطور اختبارًا حاسمًا لسلطتهما الفعلية في فرض الانضباط الإداري داخل مؤسسات الدولة، خصوصًا في المحافظات الحدودية الحساسة مثل المهرة.
أي تهاون – وفق محللين – سيُفسَّر على أنه ضعف في المركز، وقد يشجع سلطات محلية أخرى على تكرار التجربة، بينما أي تصعيد حازم قد يؤدي إلى مواجهة مفتوحة تزيد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في شرق البلاد.




التعليقات