اليمن الكبير|| المهرة بوابة اليمن الشرقية

بعد خمسين يومًا من الصمت… خامنئي يعود بخطابٍ بلا مخرج
يني يمن / خاص

خطابٌ بلا مخرج: قراءة مكثّفة في عودة خامنئي بعد خمسين يومًا من الصمت
بعد خمسين يومًا من الغياب، عاد علي خامنئي بخطابٍ عالي النبرة قليلِ الجدوى. تحدّث عن «صفعةٍ» تلقّتها الولايات المتحدة وإسرائيل في «حربٍ استمرّت 12 يومًا»، وسخر من ما يصفه ترامب بتدمير «الصناعة النووية الإيرانية»، ثم ختم بأن «الصاروخ الإيراني هويّة الشاب الإيراني» وأنّ القوّات المسلّحة «ستستخدمه متى لزم». ظاهرٌ يتحدّى، ومضمونٌ يعيد تدوير ثلاثية النووي–الوكلاء–الصواريخ بوصفها ثوابت نظام وليّ الفقيه من دون أي مراجعة.
لمن وُجِّه الخطاب؟
أولًا، إلى القاعدة الداخلية المنهكة. فالمعنويات في هبوط بفعل أزمة اقتصادية خانقة وتصدّعات داخل النخبة، ومعها عمليات رمزية متكرّرة لـوحدات الانتفاضة تثقُب جدار الخوف وتُربك ماكينة القمع. احتاجت السلطة إلى «طمأنة قسرية»: القائد حاضر، الهيبة قائمة، والسلاح جاهز. ثانيًا، إلى ما تبقّى من الشبكات الحليفة في الإقليم. الرسالة لهم أن لا ينسحبوا من المشهد وأنّ الهدنات هشّة ويمكن قلبها، مع أنّ البيئة العربية والدولية تميل اليوم إلى تثبيت التهدئة وإطلاق مسارات إعادة الإعمار بدل تدوير الحروب. ثالثًا، إلى الأجنحة المتنازعة داخل النظام: لا تفاوض على الجوهر، لا تقليص للصواريخ، ولا قطع مع الوكلاء. أراد خامنئي قفل باب المراجعة وفرض «إجماع قسري» على النهج القديم.
فجوة القدرة والخطاب
على الأرض، تتقلّص قدرة طهران على التعطيل: ترتيبات سلام غزّة تمضي بغطاء عربي ودولي واسع، والعمق الإقليمي الذي استثمرت فيه طهران عقودًا تحوّل عبئًا. في سوريا، العودة إلى ما قبل الحرب شبه مستحيلة؛ في لبنان، كلفة المواجهة المفتوحة تخنق المجتمع والاقتصاد وتقيّد قدرة «حزب الله» على إعادة إنتاج «شرعية السلاح»؛ وفي العراق واليمن، تتزايد مؤشرات التعب مع تقلّص موارد الإسناد المالي والعسكري والغطاء الدبلوماسي الإيراني. هكذا، تتحرّك طهران «من خلف المعركة» بعدما كانت تحاول التقدّم في صفوفها.
الإعدام كسياسةٍ يومية
في الداخل، يواكب النظام الانكشاف الخارجي بقسوةٍ أكبر: إعدامات يومية في السجون لبثّ الرعب ومنع التفكير في انتفاضة. لكنّ المقصلة لا تصنع شرعية؛ إنّها تؤجّل الانفجار وتراكم الغضب، خصوصًا مع تنامي الاحتجاجات داخل السجون واتّساع التعاطف الشعبي. وفي المقابل، تراكم وحدات الانتفاضة خبرتها وشبكاتها، ما يبقي القضية حيّة في الشارع والإعلام.
كيف قُرئ الخطاب خارجًا؟
تراه العواصم المعنية وثيقة عنادٍ مكلف: لا استعداد لمقايضة حقيقية تجمع النووي بالملفات الإقليمية، ورهانٌ على منطقة رمادية بين اللاسلم واللاحرب. غير أنّ قطارات التسوية تمضي بسرعة؛ ومن يتخلّف يُترَك في العراء السياسي والاقتصادي، بلا أدوات نافعة ولا موارد كافية.
السيناريوهات المحتملة
1. التصعيد: رفع السقف النووي والصاروخي وتحريك الوكلاء؛ كلفته عقوبات أعمق وربما مخاطر عسكرية غير محسوبة.
2. القبول المشروط: تقييد الأذرع والاعتراف بإسرائيل مقابل تسويات؛ يهدّد سردية النظام ويعمّق تصدّعاته.
3. إطالة الوقت: مفاوضات بلا أفق؛ لكنها اليوم أعلى كلفة وأقل عائدًا في بيئة إقليمية تتبدّل بسرعة.

خطاب العودة لم يقدّم حلًّا بل كشف الحدود: ثبت خامنئي ثلاثيته باعتبارها «هوية»، لكنه أقرّ ضمنًا بفقر الخيارات وتآكل القدرة. مع تقدّم سلام غزّة وتزايد الإعدامات واحتجاجات السجناء واتساع نشاط وحدات الانتفاضة، يتضح أنّ الوقت يعمل ضدّ استراتيجية النظام. كلّ تشددٍ إضافي يقرّبه خطوة من حافة انفجارٍ داخلي، حيث تكتب حقائق الميدان ما عجزت عنه عبارات المنابر.

       اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"


أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا