برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

من أعلام اليمن ...رحيل رمز التعليم والدعوة في اليمن والعالم الإسلامي: الشيخ عبدالملك داؤود عبدالصمد الحدابي ( سيرته)

توفي، يوم الجمعة 20 سبتمبر 2025، الشيخ عبدالملك داؤود عبدالصمد، أحد أبرز العلماء والمربين في اليمن والعالم الإسلامي، بعد حياة حافلة بالتفاني في نشر العلم والدعوة والوسطية، ليُصلى عليه في مسجد الجامعة الإسلامية في كوالالمبور ويُوارى الثرى في مقبرة الجامعة الإسلامية هناك.

وأعربت ابنته، الدكتورة سعاد عبدالملك الحدابي، في رسالة رثاء عن ألم الفقدان، وقالت:

"أُعزّي نفسي وأخي وأخواتي والأحفاد والأسباط والأهل والجيران؛ وكل محبّ لوالدي الشيخ عبدالملك داؤود عبدالصمد في هذا المُصاب الجَلل؛ وإنا لله وإنا إليه راجعون".

سيرة حياة علمية ودعوية حافلة

- حفظ القرآن وبعض المتون على يد جدّه القاضي عبدالصمد، ووالده القاضي داؤود؛ ثم انتقل في وقت مبكر إلى مدينة زبيد حيث أخذ الإجازة في العلوم الشرعية: الفقه والحديث والمواريث والقواعد.
تتلمذ على يد شيوخ أجلاء منهم الشيخ سليمان بن عبدالرحمن الأهدل، والشيخ أحمد بن داؤود البطاح، والشيخ الذي ظل يكنّ له حباً، ويلتزم زيارته كل عيد ، شيخه عبدالصمد الصُليحي رحمة الله عليهم جميعاً.

- ارتحل طلباً للعلم في مكة؛ وعمل حارساً في الحرم المكيّ قبل أن يكون متتلمذاً على يد مشايخ أجلاء منهم: الشيخ علوي المالكي، ومحمد عبدالرزاق حمزة، وآخرين.
- أسهم التعليم في مدرسة الدار الحمراء في بني سعد في الطائف؛ أحبّه الناس هناك وأحبّهم؛ واستقر قرابة أربع سنوات قبل أن يقرر العودة إلى اليمن؛ ليكون إلى جوار والده القاضي داؤود الذي كتب إليه أن يعود بعد استشهاد أخيه محمد داؤود، الذي شارك الثوار الأحرار في ثورة 26 سبتمبر.
و يذكر والدي أن أغنية :
أنا فدا السلال فدا بلادي
فدا حقول البن في كل وادي .
كان لها صدى في نفسه فقرر العودة، لاسيما وقد كتب إليه والده، ودعاه أخاه سليمان للعودة.
- ⁠عاد إلى اليمن مُجنداً نفسه لنشر العلم؛ فعمل مُدرِّساً في مدرسة إعدادية ثانوية في (وعلان) بعد أن دعاه الشيخ هزاع رحمه الله؛ ليُدرس في مدرسة القرية التي كانت منارة لنشر التعليم بين أبناء الأعروق والقرى المحيطة؛ كان أول ماقام به أن غيّر اسم المدرسة فأسماها مدرسة الوحدة.

 انتقل إلى تعز وعمل في مجال التعليم:
- عمل مُدرساً لفترة قصيرة ثم صار مُديراً للتعليم الإعدادي والثانوي.
و نظراً لنزاهته عُين في ذات الوقت مسؤولاً عن مشروع توزيع الأغذية لطلاب المدارس.
- حصل على ليسانس في كلية الشريعة والقانون بصنعاء 1976م.
- ⁠اِهتم بتعليم البنات، وكان دائماً ما يُردد :
- ⁠من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علّة ذلك الإخفاق.
و قد أسهم في تطوير التعليم النسوي، وطالب بتخصيص مدارس منفصلة للطالبات حتى يطمئن أولياء الأمور ويرسلوا بناتهم للمدارس، وقد أنجز الكثير في هذا المجال.

- ساهم في التعليم الليلي ومراكز محو الأمية، وعُيِّن مُديراً لمراكز محو الأمية حتى 1971م، ثم عُيِّن مُديراً للتعليم الإعدادي والثانوي 1979م وكانت تعز آنذاك قِبلةً للمُتعلمين والوافدين من مختلف المناطق القريبة.

- عُين في التفتيش والتدريب الفني؛ ثم رئيساً للتوجيه في مكتب التربية والتعليم في الفترة 1980م.
وطاف مدارس تعز في المدينة والقرى القريبة والبعيدة مع بعض رفاق دربه كالشيخ عبدالرحمن قحطان وهيال فرحان وسعيد بن سعيد؛ وناجي الطويل وناجي القيسي، وذلك لمتابعة سير العملية التعليمية.

- ساهم مع كوكبة من التربويين في إنشاء معاهد المعلمين بنظام الخمس سنوات بعد الابتدائية والثلاث سنوات بعد الإعدادية؛ لتغطي احتياجات المدارس التي تم إنشاؤها في تعز وأريافها.

- كان له دور في إنشاء المعاهد العلمية؛ التي تجمع بين التعليم الحديث والعلوم الشرعية.
وفي زيارة مشهودة للرئيس الحمدي لمدينة تعز ألقى قصيدة في استقبال الرئيس الحمدي طالباً منه تخصيص مبنى قيد الإنشاء ليكون معهداً للتعليم الثانوي بأقسامه العلمي والأدبي والشرعي .
و بانتهائه من إلقاء القصيدة حرر الرئيس الحمدي موافقة خطيّة باعتماد أول معهد علمي للبنين .

- شارك مع علماء تعز وشيوخها في تأسيس مراكز التحفيظ في عدد من مساجد المدينة.
- أسهم وشيوخ تعز وبدعم من بيت الحاج هايل سعيد أنعم بتأسيس جمعية معاذ الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم.
العمل المجتمعي والسياسي

- أسهم في تطوير المجالس المحلية وانتخب عضواً في الهيئة الإدارية 1985، تم تعيينه أميناً عاماً، ثم رئيساً للمجلس المحلي في مدينة تعز 2000.
- كانت رئاسته للمجلس المحلي انطلاقة له في تنفيذ مشاريع خدمية للمدينة وافتتاح عدد من المدارس والمساجد، وشق الطرق، وإنشاء التعاونيات الطبية والمراكز الصحية لتخفف العبء عن مستشفى الثورة ومستشفى الجمهوري، كما وضع ميزانية لمشروع حديقة التعاون التي تابع إنشاءها بنفسه حرصاً على إيجاد أماكن ترفيه آمنة.

في الجانب الدعوي:
كان شُعلة من العمل؛ واهباً نفسه للتعليم؛ ولا يبخل عن طلابه بنصيحة أو إرشاد وتوجيه.
ظل مُلتزماً بخطبة الجمعة في جامع التوبة ودروس الفقه والسيرة والحديث في جامع الضبوعة الذي أسهم في تأسيسه ليكون وسط الحارة ويقصده كبار العمر الذين لا يستطيعون الوصول للمساجد البعيدة.
- عاش حياته وسطياً معتدلاً؛ وصلَّى بالنَّاس وخطب في مساجد تعز وفي مناسباتها الدينية والوطنية، وكان يحرص على حضور ميدان الشهداء للاحتفاء بذكرى سبتمبر.

- أسس وعلماء تعز عدداً من حلقات المساجد لتعليم الدروس الدينية واللغوية لمن يعجز عن الانضمام للتعليم النظامي.
وكان ذلك أثناء عمله في التوجيه.
- ساهم في تشكيل حزب التجمع اليمني للإصلاح حين انفتحت اليمن على التعددية والمشاركة الحزبية، وقد انتخب رئيساً لمجلس الشورى في المؤتمر العام الأول للحزب، وتجدد انتخابه في كل مؤتمر حتى 2010.
- استدعاه الشيخ عبدالمجيد الزنداني حين أسس جامعة الإيمان بصنعاء؛ ليعلن ليعطي محاضرات شهرية في القواعد والفقه في جامعة الإيمان، فظل ورفيق دربه الشيخ سعيد بن سعيد يتنقلان بين تعز وصنعاء أسبوعياً؛ ثم استقر لمدة عام في صنعاء، حتى تمّ تأسيس فرع جامعة الإيمان في تعز، وعُين رئيساً للجامعة.
- ظلّ مُدرساً في جمعية معاذ الخيرية؛ ومستقبلاً لطلابه في بيته يعلم الفقه والقواعد والحديث.
ويصلح ما استطاع من نزاعات الخصوم الذين يقصدون بيته.
- كان واصّلاً للرحم؛ وكثيراً ما يُردد ( من أحب أن يبسط له في رزقه، و ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).
حياة شخصية زاهدة 
- ⁠يجتهد في تطبيق السنة قدر جهده؛ فكان ينام باكراً ويصحو لقيام الليل قبل أن يتجه لمسجد الضبوعة ليصلي الفجر بالناس جماعة، وكثيراً مايُردد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها)
- عاش راضياً بسيطاً؛ ورحل خفيفاً زاهداً قانعاً من حياته باليسير.
- ⁠عاش مُحباً لأصحابه وطلابه؛ يأنس بمجالستهم بعد صلاة العصر في بيته، المجلس الذي كان شبه يوميّ.
- لايحمل في قلبه حقدا ولا ضغينة ، وكان منهاجه التسامح ، ونقاء السريرة.

- أولى اهتماما بمحاربة البدع والشركيات، وحرص على محاضراته بالعقيدة الصحيحة التي هي أساس القبول، وأساس الرسالة الربانية التي بعث لأجلها الأنبياء.

وداع مشرف لشيخ العلم
- تعرّض لجلطة وانتقل إلى القاهرة في رحلة علاجية؛ عاد من بعدها إلى ماليزيا ليقيم في ضيافة صهره الدكتور داؤود عبدالملك الذي أكرم ضيافته حتى وافاه الأجل.

وكما عاش داعية ومعلماً ومتنقلاً بين المدارس والمساجد؛ هاهو يصلى عليه اليوم في مسجد الجامعة الإسلامية، بعد أن لقى الله يوم الجمعة 20/9/2025.
رحم الله زاهدا عابدا وهب حياته للدعوة والتعليم، وهاهو يعود إلى ربه وينام نومته الأبدية في مقبرة الجامعة الإسلامية في كوالمبور.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا