لأول مرة.. ما وراء زيارة مجلس القيادة الرئاسي لمحافظة مأرب؟


مرّ عامان على تشكيل المجلس الرئاسي اليمني، ورئيسه رشاد العليمي وصل، يوم أمس، مأرب لأول مرة، رغم أهمية هذه المحافظة.

هذه الزيارة وصفت بالتفقدية لآخر معاقل الدولة اليمنية، بعد انقلاب مليشيا الحوثي، وتكالب دول الإقليم، لنهب ثروات وملامح السيادة اليمنية.

حسب التقارير الواردة من مأرب، فإن الرئيس العليمي ترأس مع عدد من أعضاء مجلس القيادة اجتماعا لقيادة السلطة المحلية في المحافظة، إضافة إلى عقد اجتماعات مع القيادات العسكرية والأمنية وزيارة الكليات العسكرية، والاطلاع على أوضاع النازحين في المحافظة.

لا حاجة للحديث عن مأرب، وقيمتها في وجدان الجمهورية، فالجميع يعرف كيف وقفت هذه المحافظة، بقبائلها والمخلصين من المحافظات الأخرى، لصد حشود مليشيا الحوثي وحليفها، منذ عام 2014م، وأوقفت زحفهم وخاضت معارك بطولية ببأس وشجاعة منقطعة النظير؛ حفاظا على الجمهورية والدولة اليمنية، وتحولت إلى كعبة المظلومين والمضطهدين والنازحين الذين لجأوا إليها خوفا من بطش المليشيا.

 

- رد الجميل

يقول الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، العميد عبدالرحمن الربيعي: "إن مأرب اليوم أمام حدث استثنائي كبير جدا، بزيارة رئيس الجمهورية، رشاد العليمي، ومعه أيضا عضوا مجلس القيادة الرئاسي، عبدالله العليمي وعثمان مجلي، بالإضافة إلى وجود عضو مجلس القيادة - محافظ مأرب، اللواء سلطان العرادة".

وأضاف: "حشود كبيرة من المواطنين والجماهير، بمختلف مكوناتهم السياسية، ورجال القبائل، وأيضا القوات المسلحة ورجال الأمن، الجميع كانوا مبتهجين بهذه الزيارة، التي طال انتظارها، رغم أنه كان مخططا لها منذ أكثر من سنة، لكن حدثت صعوبات حالت دون ذلك، من ضمنها صعوبات أمنية، وما حدث في محافظة شبوة العام الماضي".

وتابع: "اليوم جاءت الفرصة السانحة لكي يزور الرئيس محافظة مأرب، التي لها أهمية خاصة؛ لأن مأرب لها دور ريادي كحاضنة للجمهورية، وكرافعة قوية في معركة الدفاع لاستعادة الدولة والجمهورية".

وأردف: "أصبحت مأرب كتلة سكانية كبيرة، وتكتسب أهمية سياسية واقتصادية وعسكرية، وفيها كتلة عسكرية كبيرة من القوات المسلحة، ليست بالهيِّنة".

ويرى أن "الزيارة تكاد تكون كتقديم العرفان والجميل لدور مأرب وأهل مأرب وقبائل مأرب، وللشيخ سلطان العرادة، ولكل الوطنيين الغيورين على والوطن والجمهورية والدولة، الذين أتوا من مختلف محافظات اليمن"، مؤكدا أنها "قبلة النازحين والأحرار المدافعين عن الثورة والجمهورية".

 

- البحث عن حامل جماهيري

يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء، د. عبدالباقي شمسان: "المسألة ليست رد جميل؛ لأن هناك مناطق أخرى أيضا مناضلة، وينبغي زيارتها، كمدينة تعز، ومدن أخرى، لكن الزيارة لها أبعاد مرتبطة بالتحولات على المستوى الدولي والإقليمي، والمفاوضات السرية".

وأضاف: "ربما هناك مفاوضات بين السعودية ومليشيا الحوثي، وبينما نائب الرئيس، سلطان العرادة، له جغرافيا ومشروع، ومدينة حضرموت لها ممثل من أعضاء المدينة وله مشروع، بينما رئيس مجلس القيادة لا توجد له جغرافية ولا أجنحة عسكرية، لذا لا بُد من أن يكون لهذا المجلس وجود عسكري وحامل جماهيري".

وتابع: "رغم أن هناك حوارا وتفاوضا، إلا أن هناك توجها حوثيا للاستيلاء على مأرب وضمها، ومن ثم سيفتحون جبهة للتفاوض بعد تغييرهم للمعادلة الجغرافية".

وأوضح أن "دخول مأرب يعني أن هناك أزمة إنسانية كبيرة، وأزمة نزوح جديدة، وستكون الأبواب نحو شبوة والآبار النفطية مفتوحة، لذا كان لا بُد من هذه الزيارة، والتأكد وإيصال رسالة للداخل والخارج، وإيجاد نوع من الجغرافيا للسلطة الشرعية، خاصة وأنها غير قادرة على أن تكون لها جغرافيا ومشروع".

وأردف: "المدينة، التي كانت حاملا جماهيريا وديمغرافيا، هي مدينة تعز، لكنها مقسمة إلى ثلاثة أقسام، الساحل الغربي، وجانب تحت سيطرة مليشيا الحوثي، وجانب تحت سيطرة السلطة الشرعية".

وزاد: "ضعف الشرعية انكشف عندما وقعت أحداث البحر الأحمر، وما حدث من تهديد للملاحة الدولية، وأدى إلى أن مليشيا الحوثي هي من استثمرت ما يحدث في فلسطين المحتلة، في ظل سلطة ضعيفة، وغير موجودة في الجغرافيا".

وقال: "ما حدث في البحر الأحمر كان متوازيا مع عودة القوى الدولية إلى البحر الأحمر، وضعف الدولة في أن تتفاوض مع المجتمع الدولي والدول المهيمنة باعتبارها قادرة على تأمين السيادة على المجالات البحرية، وأنها غير قادرة على أن تمارس هذه المهام، وليس لديها علاقة مباشرة".

واستدرك: "مؤخرا، هناك علاقة وتواصل رسمي مع الاتحاد الأوروبي، ومع بعض الدول، وربما هناك مفاوضات بين السعودية ومليشيا الحوثي".

وأضاف: "الزيارة في غاية الأهمية، لكن لا نقرأها بأنها فقط رد جميل، فمأرب الآن قاعدة جماهيرية وحامل جماهيري، للمشروع الجمهوري، ويجب تأمينها، خاصة وأنها مفتاح نحو شبوة وحضرموت والمناطق النفطية، إضافة إلى أنها تصبح جغرافيا للسلطة الشرعية، خصوصا وأن العاصمة المؤقتة باتت جغرافيا لعضو مجلس القيادة، عيدروس الزبيدي، الذي له مشروع آخر ولديه مليشياته".

وتابع: "صحيح أن الزيارة أخذت ضجة من حيث التوقيت، لكن -نحن في اليمن- دخلنا مرحلة الواقع المتشظي، بمعنى أن منذ ما حدث في البلاد هناك تشظي، وهناك قوى ومليشيات في الجغرافيا، والآن سندخل في مرحلة تثبيت كل جماعة وفقا لقوتها".

واستطرد: "إذا ما حدثت مفاوضات بين السعودية ومليشيا الحوثي، ربما السعودية ترجع للخلف، وتتقدم السلطة الشرعية المضغوطة للتفاوض، وهي لديها مقومات موجودة".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية