الكوليرا تجتاح تعز وأطباء يؤكدون أن اللقاحات الأخيرة تسببت بانتشاره (تقرير خاص)
بصورة أشد، وبنسبة أعلى من سابقاتها، بدأ وباء الكوليرا يجتاح معظم مديريات محافظة تعز، بما في ذلك المناطق الريفية، الأمر الذي ضاعف المعاناة، وأصاب السكان بحالة ذهول وخوف، في ظل انعدام الإمكانيات، والمراكز القادرة على احتواء المصابين، ومحاربة الوباء.
وجاءت الجائحة غير المسبوقة، قبل موسم الأمطار خلافا عن كل عام، وتسببت بإصابة الآلاف، بعد حملة تطعيم دشنها مكتب الصحة بالمحافظة مع منظمة الصحة العالمية، ضد الوباء، خلال نهاية شهر فبراير الماضي.
واقتصرت حملة التطعيم على مديرية القاهرة فقط، رغم أن جميع مديريات المدينة كانت تتواجد فيها حالات إصابة، ما يرجح أن توزيع اللقاح كان عبارة عن اختبار، اتخذ من المواطنين وسائل تجريبية وعرض حياتهم للخطر، في جريمة يعاقب عليها القانون.
وخلال 80 يوما فقط، تم رصد أكثر من 3 آلاف و600 حالة إصابة بوباء الكوليرا في المحافظة، بمعدل 45 حالة يوميا، كما تم رصد 8 وفيات بالوباء ذاته، في كارثة قد يصعب السيطرة عليها في حالة لم يتم التحرك العاجل ووضع الخطط الطارئة لمواجهة الوباء.
وبحسب إحصائية رسمية كشف عنها مصدرا حكوميا، فإن أحياء المدينة (مركز المحافظة)، سجلت العدد الأكبر من حيث انتشار الوباء، مشيراً إلى أن 191 من حالات الإصابة تم التأكد منها "مخبريا".
ولفت إلى وجود مخاوف لدى السلطات المحلية في تعز، من تزايد انتشار الوباء في حال عدم العمل من أجل الحد من تفشيه.
استخدام اللقاحات الفموية المضادة للكوليرا، لم يحسم بعد، ويظل من التحديات المطروحة. فلا يوجد للآن دليل محدد على فائدة اللقاحات الفموية المضادة للكوليرا في بيئات توطنها، وتجرى دراسات تدخلية لإثبات نجاحها كأداة من أدوات الصحة العمومية.
حملة التطعيم التي دشنها مكتب الصحة العامة والسكان بالمحافظة، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ضد الوباء، استمر 7 أيام، واستهدف سكان مديرية واحدة داخل المدينة دون غيرها، وقوبل حينها برفض مجتمعي بسبب عدم ثقة المواطنين بما تقدمه المنظمات التي أصبحت تتاجر بالمواطن وبمعاناته.
مدير مركز مكافحة وباء الكوليرا بالمحافظة الدكتور محمد مخارش، قال ان انتشار الوباء يأتي عادة مع موسم الأمطار، إلا انه هذه المرة جاء سريعا وبأعداد كبيرة الأمر الذي يثير المخاوف.
وأوضح في تصريح لـ " يني يمن" أن قسم الرقود الخاص بالمركز ممتلئ، الأمر الذي اضطرت معه ادارة المركز لعمل أسرة في الطواريد بهدف استيعاب المصابين.
وعن سبب انتشار الوباء بهذه الطريقة المخيفة، قال الدكتور مخارش إن كل التحليلات تقول ان اللقاح الذي تم اعطاءه للمواطنين هو السبب، مشيرا الى أن ارتفاع عدد حالات الاصابة بالوباء جاءت بعد حملة التطعيم التي قام بها مكتب الصحة ومنظمة الصحة العالمية.
وطالب بسرعة عمل خطة استراتيجية من قبل وزارة الصحة والمنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، والعمل على إيقافه، لافتا الى التوقعات تشير الى أن الأمر سيتضاعف بشكل كبير، وسيتسبب بكارثة غير مسبوقة ان لم يتم تداركه.

من جهته قال الدكتور محمد رزاز، وهو طبيب يعمل في مركز مكافحة الكوليرا في المستشفى الجمهوري بالمدينة ان اجتياح الوباء بهذه الصورة الكبيرة، جاء بعد حملة اللقاحات التي دشنها مكتب الصحة ومنظمة الصحة العالمية.
وأضاف رزاز في تصريح لـ " يني يمن" ان المركز كان يستقبل قبل حملة اللقاحات من 8 الى 10 حالات يوميا فقط، وبعد الحملة أصبح يستقبل 80 حالة يوميا، مما يرجح أن اللقاحات هي التي ضاعفت انتشار الوباء.
وأوضح ان هذه اللقاحات دخلت دون اختبار مختبري، وكان عبارة عن تجربة ضحيتها أبناء الشعب اليمني، ومن يقول غير ذلك يثبت لنا عدم صحة هذا الكلام علميا، مشيرا الى أن المنظمات ترى أن انتهاء الأوبئة توقف لأعمالها ومصادر دخلها.
أحد ممثلي منظمة الصحة العالمية الذي كان يقوم بزيارة للمركز، وصادف تواجدنا هناك، سألناه لكنه نفي هذا الأمر، وقال ان اللقاح خضع للاختبار المختبري قبل اعطاءه للمواطنين، وانه آمن ولا صحة بأنه هو سبب انتشار الوباء.
وعلى الفور طالبه أحد الأطباء العاملين بالمركز بإثبات بأن هذه اللقاحات خضعت للاختبار، الا أنه صمت، وأحاله الى موقع المنظمة للاطلاع على الأمر.
وحول سرعة الانتشار قبل موسم الامطار، برر ممثل المنظمة في حديث مع " يني يمن" بالقول إن كل جائحة تأتي أكبر من سابقاتها، وامتنع عن الإداء بأي معلومات أخرى.
أثناء تواجدنا بالمركز وصل طبيب يدعى حسين الشرعبي، فأحالني اليه ممثل المنظمة والأطباء المتواجدين بصفته مدير مركز الترصد الوبائي، وعندما وجهنا له أسئلة رفض الاجابة، وقال إنه قم تم تغييره من منصبه".
وعندما اصرينا عليه، أوقفني مدير المركز الفني الدكتور صادق مكرد، وطلب مني المغادرة، وقال لي سأطلب لك الأمن يأخذوك!
وعندما سألته باستغراب ما الجرم الذي ارتكبناه لكي تطلب الأمن؟، قال " ممنوع دخول الصحفيين، وحاول طلب الأمن مرة أخرى، الا ان مدير المركز الدكتور محمد مخارش اخذه جانبا، وطلب مني المغادرة.
مصادر في مكتب الصحة العامة بالمحافظة أوضحت ان المنظمة رفضت اعطاء اللقاح لكافة مديريات المدينة وطلبت الاقتصار على مديرية واحدة فقط.
وعن لماذا أصرت المنظمة على اعطاء اللقاح لمديرية واحدة، رغم ان كل المديريات تعاني من الوباء، أوضح المصدر الذي يحتفظ " يني يمن" باسمه ان هذا يؤكد أن اللقاح كان عبارة عن تجربة وتوزيعه كان مجرد اختبار، وجعل المواطنين وسائل تجريبية وهو ما يستدعي تشكيل لجنة للتحقيق بالأمر.
أطباء أخرون حذروا من خطورة هذا الأمر، وطالبوا السلطة المحلية ممثلة بمحافظ المحافظة بتحمل مسؤولياتها، وسرعة تشكيل لجنة للتحقيق بالأمر، وإظهار الحقيقة للمواطنين، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة التي تعرض حياة السكان للموت.






التعليقات