اليمن الكبير|| المهرة بوابة اليمن الشرقية

الحوثيون يستغلون الضغوط الدولية بالاستعداد لمعركة استنزاف في الحديدة! (تقرير خاص)

منذ نحو عام كامل لم يتوقف الحوثيون عن حفر وبناء أكبر شبكة خنادق عسكرية عرفتها اليمن، فقد تحولت مدينة الحديدة الساحلية غربي البلاد إلى مصيدة عسكرية وساحة معارك، تضم مئات الخنادق والحواجز الترابية والحديدية التي صنعها الحوثيون، في محاولة لمنع تقدم القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي، نحو ميناء المدينة الاستراتيجي، وهو تكتيك لم تستخدمه الجماعة من قبل إلا في بلدتي حرض وميدي الحدوديتين مع السعودية.

استلهم الحوثيون استراتيجية حرب الخنادق من الحرب العالمية الأولى، وهي استراتيجية دفاعية استخدمت أمام القوات الألمانية المهاجمة والتي كانت تمتلك سلاحا متقدما ومتطورا، لكن وعلى الرغم من تلك الخنادق والحواجز التي بناها الحوثيون فلم تمنع تقدم القوات الحكومية التي وصلت في نوفمبر 2018، إلى مجمع إخوان ثابت في شارع الخمسين شمال شرق الحديدة، وجولة يمن موبايل على شارع صنعاء وسط المدينة.

وتمكنت ألوية الجيش اليمني والمقاومة من الالتفاف على الحوثيين وتحصيناتهم، كما عملت على تدمير الكثير من الحواجز ودفن الخنادق قبل التقدم، وبلغت القوات الحكومية مسافة 3 كيلو متر من بوابة ميناء الحديدة شمال غرب المدينة، قبل أن تتدخل الضغوط الدولية التي منعت التقدم وأوقفت المعركة، ما أتاح للحوثيين بناء الكثير من التحصينات وحشد التعزيزات العسكرية، وهو ما يؤكد سعي الحوثيين للدخول في حرب استنزاف طويلة ومدمرة، قد تحول الحديدة إلى كومة من ركام كحلب السورية، أو على الأقل كمدينتي "حرض وميدي" الحدوديتين، مع السعودية.

اتفاق ستوكهولم.. فاقم الأزمة

يؤكد الناشط اليمني "بسيم الجناني" أنه ورغم إعلان اتفاق ستوكهولم قبل نحو ثلاثة أشهر ووجود مراقبين دوليين في الحديدة، إلا أن الحوثيين واصلوا تقطيع أوصال المدينة وحولوها إلى متاهة أمام سكانها، وأشار أن عمليات حفر هذه الخنادق دمرت شبكات المياه والاتصالات، وخدم الإنترنت الذي قطعه الحوثيون بشكل كامل عن المدينة منذ أشهر.

وأضاف الجناني في تصريح لـ "يني يمن" أن عدم تنفيذ اتفاق السويد فاقم من تردي الأوضاع الإنسانية في الحديدة في ظل استمرار الحشد العسكري للحوثيين وزراعة الألغام، والقصف المدفعي المتواصل وحفر الخنادق واستمرار المعارك والخروقات، التي وصلت منذ اتفاق ستوكهولم إلى 1700 خرق للهدنة ومحاولة الحوثيين، استعادة المواقع التي سيطرت عليها القوات الحكومية منذ أشهر.

وأشار إلى استمرار حالة النزوح للسكان وترك منازلهم في المواقع القريبة من المواجهات، ما أدى إلى تزايد معاناة المواطنين وتشريدهم في محافظات متفرقة حيث باتوا يفترشون المدارس والمرافق العامة، في ظل ضعف الدور الإغاثي للمنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني.

وكان الجناني، الذي يعد أحد أبرز الناشطين في الحديدة، قد طالب الأمم المتحدة خلال ندوة في مجلس حقوق الإنسان، يوم الجمعة، بالتحرك لإنقاذ الحديدة وسكانها من سطوة الحوثيين وانتهاكاتهم، التي تصاعدت منذ إعلان اتفاق ستوكهولم، وشدد أن الحديدة أكثر المناطق اضطهاداً من قبل قوى النفوذ والإرهاب التابعة لسلطات الحوثيين في صنعاء، مؤكداً أنه حان الوقت لأن يرفع الظلم والاضطهاد عن أبناء محافظة الحديدة.

الخنادق تحاصر السكان!

سكان الحديدة ومديرياتها الريفية كانوا هم الضحايا لتكتيك الخنادق والتي تجاوز عددها 300 خندق وحاجز، موزعة داخل أحياء المدينة وعلى الطرقات الرابطة بين المدينة وبقية المديريات، ناهيك عن الخنادق التي وضعها الحوثيون بمحيط موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، ما تسبب في سقوط وتقلب عدد من الشاحنات الكبيرة المحملة بالبضائع والمساعدات الإغاثية، بالإضافة لسيارات المواطنين من أبناء الحديدة.

ويروي "علي سالم الشرقي" وهو أحد سكان قرى جميشة الواقعة جنوب منطقة كيلو 16، كيف احتل الحوثيون منازلهم وحولوها إلى ثكنات عسكرية للأسلحة والمقاتلين ومنعوهم من العودة إليها، وأكد أن الحوثيين أحرقوا منزل أحد أقاربه الذين رفضوا السماح لمقاتلي الحوثي بالتمترس في المنزل، وأشار إلى رحلة النزوح التي تعرض لها وهو وأقاربه الذين قال إنهم توزعوا على مناطق ومحافظات يمنية متباعدة، بحثا عن مأوى ومصدر دخل بعد أن فقدوا مزارعهم ومواشيهم.

وأضاف الشرقي لـ "يني يمن" أن قريته تبعد عن مركز مدينة الحديدة 16 كيلو متر فقط وكان يتردد على المدينة باستمرار لقضاء حاجته، لكن ونتيجة الخنادق والسواتر التي أغلق بها الحوثيون طريق الحديدة صنعاء، بات على سكان المديريات الشرقية والجنوبية الدخول في رحلة طويلة وشاقة للوصول إلى مديرية باجل اقصى شرق الحديدة، ثم المرور عبر مناطق الكدن للوصول إلى منفذ الحديدة الشمالي لدخول المدينة، وتلك رحلة قد تكلف الراكب الواحد أكثر من 2000 ريال يمني/ 4 دولار، وهو مبلغ باهض مقارنة بأسعار المواصلات قبل الحرب.

وتشكل الحديدة منذ 10 أشهر محور الصراع والحرب في اليمن، ووصلت المعارك إلى داخل الأحياء الشرقية لمدينة الحديدة، نتيجة الهجوم العسكري الذي تشنه القوات الحكومية بدعم من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وتمكنت الأمم المتحدة والضغوط الدولية من إيقاف العملية العسكرية والتوصل لاتفاق ستوكهولم، لكن الاتفاق لم يتم تنفيذه رغم مرور ثلاثة أشهر، ما فاقم الوضع الإنساني هناك.


       اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"


أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا