في يومهن العالمي.. "نساء تعز" بين القتل والاختطاف الحوثي وكفاح البقاء
يعد اليوم العالمي للمرأة، والذي يصادف 8 مارس من كل عام، من الأيام المهمة التي تمنحها النساء صفة خاصة، إلا أنه مر على المرأة اليمنية بشكل عام، والتعزية بشكل خاص، كمثله من الأيام العادية، ولم يلق أي اهتمام او احتفال، بسبب انكسارات المرأة المتلاحقة التي تسبب بها الانقلاب الحوثي، ومكابدتها للحياة.
تحدي رغم المعاناة
ولاتزال المرأة اليمنية وعلى مدى أربعة سنوات متواصلة، تعيش في خضم معاناة لا حصر ولا نهاية لها، وأضحت محاصرة بين هموم أثقلت كاهلها، ومسؤوليات تفوق قدرها وقدراتها بمئات المرات، نتيجة للحرب التي تشهدها البلاد منذ أربع سنوات بسبب الانقلاب الحوثي.
وتحتل معاناة المرأة في مدينة تعز النصيب الأوفر، والمساحة الأكبر، من القهر والكد، والمعاناة، كنتيجة طبيعية لما تشهده المدينة من حرب تشنها المليشيات، وقصف وقنص، بالتزامن مع فرضها حصارا مطبقا، على المدينة منذ أربع سنوات متواصلة.
ونتيجة لهذا الوضع، أصبحت المرأة التعزية تقف بين خيارات قاسية، وأضحى قدرها بين القتل، والاختطاف، والتشريد، أو فقدان العائل، وتحمل كل هموم الحياة اليومية، ومكابدة العيش، في وضع تنعدم فيه كل فرص العمل، وتتضاعف معاناته يوم بعد آخر.
ورغم المعاناة إلا ان أسماء محمد الفضلي ، قالت إنها " لم تستسلم للصعوبات، بل تحدت المعاناة، وقررت تأهيل نفسها، وتعلمت الخياطة، وأصبحت الآن تقوم بخياطة فساتين أطفال وتعمل على توزيعها على المحلات التجارية، كمصدر دخل لها ولأولادها".
وأضافت الفضلي (أرملة) في تصريح لـ" يني يمن" أن المرأة التعزية، قاست الكثير، وتجرعت المعاناة، لكنها لم تستسلم، ولن تستسلم، ونتيجة انعدام كل الاعمال التي كانت متاحة سابقا، قررت تعلم الخياطة لدى مركز نسوي متخصص، لكي تتمكن من إعالة اطفالها".
وتتابع" في اليوم العالمي للمرأة، فأنا والحمد لله احتفل بعيدي الخاص، وهو اني أصبحت الان متمكنة بعد ثلاثة أشهر من الدارسة والتعلم، وتمكنت من شراء ماكينة خياطة، وصحيح ان الدخل محدود، ولا يفي بكل المتطلبات الضرورية، إلا انه خير من مد اليد للآخرين، وأفكر حاليا بتوسيع الامر وافتتاح محل لبيع ما يتم انتاجه".
أما فاطمة منصور ، قالت إنها لا تعترف بعيد شكلي، ولا يهمها أي تسميات فارغة لا فائدة منها"، متابعة" نحن لا يوجد لدينا عيد، وعيدنا هو إيجاد لقمة عيش لنا ولأسرنا لنبقى على قيد الحياة".
وتضيف فاطمة، في تصريح لـ" يني يمن" " كنا نطالب بالمساواة مع الرجل، لكن للأسف تم مساواتنا بالقتل والقنص والتشريد، لم نعد نهتم لأي شيء سوى كيف يمكننا ان نوفر الحاجات الضرورية لنا ولأولادنا".
وتابعت " الانقلاب دمر كل شيء، والشرعية لا يهمها المواطن، أصبحنا نعيش في بلد لا يحترم الانسان، لم تعد لدينا أي أعياد، وكلها تحولت إلى تعازي، ومواساة".
معاناة المرأة اليمنية لم تعد مقتصرة على نوع واحد، بل تعرضت للقتل والقنص والاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب والاعتداء الجسدي, إضافة إلى اختطاف وقتل وتعذيب عائلها بل وانتهكت حقوقها في التعليم والوظيفة العامة والخاصة، كل هذا من قبل مليشيا الحوثي الانقلابية.
قتل متعمد
وبحسب إحصائية نشرتها منظمة سام للحقوق والحريات ومقرها جنيف، إن عدد اليمنيات اللواتي قُتلن بسبب الحرب خلال الفترة 2014 وحتى نهاية 2018، بلغ 807 امرأة.
وأوضحت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، في بيان نشرته تزامنا مع اليوم العالمي للمرأة - حصل يني يمن على نسخة منه- أن مدينة تعز احتلت الرقم الأول، والعدد الأكبر من النساء اللاتي قتلن في المدينة بعدد 387 امرأة، بينما أصيبت 1287 امرأة.
وأشارت إلى أن الآلاف من النسوة يخضن محنة فقدان معيلهن من الرجال، إما قتلا في الجبهات، أو سجنا واختطافاً قسريا في سجون مليشيا الحوثي شمالا، والسجون التابعة للحزام الأمني في الجنوب".
وأضاف التقرير أن اليوم العالمي للمرأة يأتي في وقت تعاني النساء اليمنيات واقعا مرا وظروفا قاسية، وتعيش في أغلب مناطق اليمن بدون خدمات وتعاني في سبيل الحصول على الاحتياجات الأساسية من غذاء وكساء ودواء، بعد أن كان لها قدم السبق في السعي للتغيير وانتزاع الحقوق، والقضاء على التمييز السلبي تجاه النساء، والحق في تكافؤ الفرص وغيرها من الحقوق الشرعية والدستورية.
إخفاء واختطافات
ولم تتوقف جرائم المليشيات الحوثية بحق المرأة، وإنما عملت على تطوير اسلوب الجريمة يوما بعد آخر، وتجاوزت كل الأعراف والتقاليد ، وارتكبت ما يسمى يمنيا بـ" العيب الأسود" ومارست جريمة الاختطافات بحق المرأة اليمنية، في مناطق سيطرتها، وعلى رأس تلك المناطق صنعاء وتعز.
حيث أقدمت مليشيات الحوثي الانقلابية الأسبوع الماضي على اختطاف فتاتين في منطقة مقبنة غرب محافظة تعز، بعد ان فجرت منزل والدهما، ولايزال مصيرهن مجهولا حتى اللحظة، وسبق أن اختطفت المليشيات الانقلابية المئات من النساء في صنعاء، وتعرضن للتعذيب المروع".
وأنشأت المليشيات الانقلابية، ما يسمى بـ" كتائب الزينبيات"، وهي كتائب تضم زوجات وفتيات قيادات الحوثيين، تلقين تدريبات عسكرية على يد خبراء إيرانيين ولبنانيين وبعدها دورات طائفية، ثم أسندت إليهن مهام اختطاف النساء، وقمع أي تحركات نسائية معارضة للانقلاب و تفتيش المنازل واقتحامها.
مسلسل معاناة المرأة اليمنية وشقيقها الرجل مستمر، ولا يوجد أي بوادر لإنهائه في ظل استمرار الحرب التي أصبحت تراعي المصالح الدولية والإقليمية، وتتوقف وتستأنف وفقا لذلك، ولم تعد مصلحة اليمنيين في قائمة اهتماماتها، في وقت يدق فيه العالم جرس الإنذار من إمكانية حدوث مجاعة غير مسبوقة في البلد الذي يعاني الفقر منذ عقود.




التعليقات