تكدس أكوام النفايات في شوارع تعز وتحذيرات من كوارث صحية وبيئية (تقرير خاص)
يعاني سكان مدينة تعز، من استمرار تكدس النفايات في شوارع المدينة، ومجاري مياه الأمطار، في ظل غياب شبه كلي للجهات المسؤولية للقيام بمهامها، وسط تحذيرات من كارثة صحية وبيئة تنتظر المدينة التي لا تزال تعاني من وباء الكوليرا وحمى الضنك الذي أصاب الآلاف من سكانها خلال السنوات الماضية.
أكوام القمامة تملأ الأرصفة، ورائحتها المزعجة تفوح في كل مكان، وسحاب دخانها تملأ المدينة، يحاول المارة رفع طرف ملابسهم الى أنوفهم لتجنب الرائحة المزعجة، وتزاد المعاناة للمواطنين القاطنين جوار الجسور التي أصبحت تفيض بالنفايات، ولا تتوقف عنها سحائب الدخان السام.
معاناة مستمرة
المواطن زكريا سعيد، (35)، يقيم في شارع التحرير وسط المدينة، قال لـ "يني يمن" إنه يعاني مع أسرته من تكدس النفايات، مرت أشهر ولم يتم رفعها من الجسر الذي يتواجد في نفس المنطقة، لم نستطع فتح النوافذ، نعيش في وضع سيءٍ جدا، الروائح تحاصرنا من جهة والدخان من جهة أخرى.
يضف سعيد "بعد عدم وجود أي أمل للتدخل من قبل الجهات المعنية، بدأت أبحث عن شقة بعيدة عن هذا المكان، لست مستعدا لأن أدفع الضريبة من صحتي وصحة أبنائي، نحن في مدينة لم يكلف المسؤولون فيها أنفسهم للقيام بمهامهم الملقاة على عاتقهم".
وتابع "إما أن يقوم مدير صندوق النظافة بواجبه أو يعلن عجزه، ويترك المجال لمن هو أقدر منه، إما أن يستمر في منصبه ولا يقوم بواجبه فهذا أمر مقرف وغير مبرر".
المدير العام التنفيذي لصندوق النظافة والتحسين بالمحافظة حسين المقطري، قال إن هناك العديد من الصعوبات والعوائق التي تواجه عمل الصندوق، وأهمها شحة الموارد المالية، موضحاً بأن موارد الصندوق حالياً لا تتجاوز 20 بالمائة مما كان عليه قبل الحرب.
[caption id="attachment_23338" align="alignnone" width="1024"]
تكدس النفايات في شوارع تعز[/caption]
عوائق وصعوبات
وأضاف في تصريح لـ "يني يمن" أن أبرز تلك الصعوبات تتمثل في أسواق المدينة خارج نطاق صندوق النظافة، والمبالغ التي كانت تحصل من فواتير الكهرباء والمياه غير موجودة بسبب تدمر شبكة الكهرباء والمياه، وكذلك المصانع التي كانت تورد مبالغ مالية تقع حاليا تحت سيطرة المليشيات الانقلابية، فضلا عن أن معظم المراكز التجارية الكبيرة غادرت المدينة من بدء الحرب.
وأوضح أنه في الآونة الاخيرة، "وصلت معدات دعما للصندوق إلا أنه تحتاج الى مصروفات كبيرة، من بترول وعمال وإصلاحات، ونحن مواردنا محدودة للغاية ولا يوجد لدنيا دعم من قبل السلطة المحلية، كلما نمتلكه هو نقطتين خارج المدنية، وما يتم تحصيله منها لا يكفي".
وعن عدم توزيع الصناديق، قال المقطري "إن معظم تلك الصناديق تم تدميرها وإحراقها بسبب الحرب، والبعض الآخر تم استخدامه متارس، وعملنا مع الصندوق الاجتماعي للتنمية، على إصلاح نحو 150 صندوقا، وسيتم قريبا توزيعها على شوارع المدينة".
مخاطر صحية
وعن مشكلة السوائل (مجاري مياه السيول) التي أصبحت مكتظة بالنفايات برر المقطري بأن العديد من الجسور هابطة، وتحتاج الى (بكلين)، والصندوق لا يمتلك أي منها، ولا يوجد أي دعم من السلطة المحلية، وننتظر الدعم بقدوم المحافظ الجديد، ولدينا امل قادم.
الدكتور محمد حزام قال إن لتكدس النفايات بهذه الشكل انعكاسات سلبيّة على الصحّة تشمل خصوصاً التهاب الرئة المتكرّر، وزيادة خطر الإصابة بالحساسيّة والربو والتعرّض لأمراض سرطانية والأكثر تضرّراً منه هم الأطفال والأجنّة.
وأضاف في تصريح لـ "يني يمن" أن حرق النفايات عشوائيّاً، خصوصاً إذا كانت تحتوي على البلاستيك، يحفّز نموّ المشكلات الصحية، خصوصاً السرطانية التي تطاول مختلف أعضاء الجسم وليس فقط الرئتين.
وتابع: "ناهيك عن ظهور مادة الزئبق التي تبيّن أنها تزيد نسب حدوث الزهايمر وتؤثّر سلباً في النموّ العقلي وتعزّز خطر إصابة الأطفال بالتوحّد".
وأثار تكدس النفايات في معظم شوارع تعز، حملة غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث انتشرت بكثافة صور نفايات مكدسة، وسط مطالبات لقيادة السلطة المحلية للقيام بواجبها قبل وقوع الكارثة.
[caption id="attachment_23341" align="alignnone" width="1024"]
تكدس النفايات في شوارع تعز[/caption]
تساؤلات وانتقادات
الكاتبة ألفت الدبعي تساءلت على صفحتها بوسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلة "كيف استطاعت السلطة المحلية في تعز النوم ليلة أمس وهذه الكارثة تهدد أبناء تعز؟ هل عقدوا جلسة طوارئ لإيجاد حل لهذه الكارثة؟ هل تحالف القوى السياسية يدرك أن هذه قضية ينبغي أن يعطون لها اهتمام؟".
وتابعت "هل هم اصلا يدركون أنها كارثة ممكن تتحول إلى خطر يقتل أبناء تعز أكثر مما يقتل الحوثيين؟ أم أن القمامة صارت تسكن العقول فلم يعد بإمكانهم التمييز وإصابتهم البلادة من قبح الروائح الكريهة؟!".
وزير الدولة محمد مقبل الحميري، علق على تلك الصور قائلا "هذه جريمة ستؤدي الى كارثة كبرى".
أما المحامي ياسر المليكي قال "مدير صندوق النظافة حسين المقطري ليس وحده المسؤول عن هذه الكارثة، بل السلطة المحلية ايضا، تعاقب على تعز أثناء الحرب محافظين اثنين، والثالث داخل ولا من فكر بحل جذري للسائلة، هي بحاجة إلى تشبيك بالحديد، ووضع براميل حولها".
وأضاف "المحافظ السابق تسلم ملياري ريال لتطبيع الأوضاع، لماذا لم يخصص 100مليون لحل مشكلة السائلة؟".
وتابع: "التقيت المقطري ووعد أنه سيعمل على رفع كل المخلفات، وإلى الان لم يره أحد، عمل حل جذري للسائلة أكبر من قدرته، وعليه أن يعد خططاً لذلك، أما أنه ينتظر الاخرين يدوروا عليه لا يركن".
أحلام الفقيه بدورها قالت" الكارثة على الجميع، ويجب على الجميع كل حسب امكاناته ان يساهم في إيجاد حلول، والأهم أننا بحاجة الى التوعية بمسؤولية المواطن نفسه في الحفاظ على البيئة التي تحيط به ويعايشها وتأثيرها عليه قبل كل شئي، الوضع كارثي".
أما الناشط محمد مهيوب فكان الأشد انتقادا، حيث نشر على صفحته صورة للسائلة المكتظة بالنفايات وعلق عليها قائلا" هذا الذي ترونه في الصورة هو وجه مدير صندوق النظافة، ووجه السلطة المحلية للمحافظ السابق أمين محمود الذي عين، واللاحق نبيل شمسان، ووجه وكلاء السلطة المحلية والمدافعين عن فساد المؤسسات ووجه الفاسدين والسرق صغيرهم وكبيرهم".




التعليقات