ميليشيات الحوثي.. يد تصافح ويد تنتزع أرواح المختطفين في السجون
في الوقت الذي يستمر التفاوض بين الأطراف اليمنية في "لجنة الأسرى" في العاصمة الأردنية عمّان حول قوائم تبادل الأسرى والمختطفين والمخفيين قسرياً لدى الجانبيين (الحكومة والحوثيين)، لايزال التعذيب الممنهج في سجون الحوثيين بصنعاء يودي بحياة المختطفين، وعدد الضحايا يتزايد في ظل مواصلة النقاش في تفاصيل تنفيذ الاتفاق.
"أمين يحيى حنينه" أُعلن عن وفاته تحت التعذيب في إحدى سجون الحوثيين العاصمة صنعاء بعد ثلاثة أشهر من اختطافه في منزله، بعد ان تم إبلاغ أسرته من قبل قيادي حوثي السبت الماضي 9 فبراير/ شباط الجاري، بتواجد جثته في مستشفى 48 العسكري.
وقالت مصادر حقوقية "أن حنينه تعرض لضربة قاتلة في الرأس أثناء تعذيبه في سجن تابع للحوثيين بصنعاء، حيث تم إخفاء مكان اختطافه عن أسرته خلال الشهور الماضية ولم يعرفوا عنه شيئاً الا بعد أن أبلغوا بتواجد جثته في المشفى وهو ما شكل صدمة لأسرته".
وأختطف "حنينه" عقب أحداث ديسمبر/ كانون أول 2017 بين الحوثيين وأنصار الرئيس السابق على عبد الله صالح، ومن ثم تم الإفراج عنه ضمن عفو من قبل ميلشيات الحوثي، وقبل ثلاثة أشهر تم اختطافه مره أخرى من منزله بتهم تبعيته للقوات التي يقودها طارق صالح في الساحل الغربي، لكنها تبقى تهمه كيدية في ظل أن الرجل لم يغادر صنعاء.
128 حالة وفاة وتصفية بسجون الحوثيين
وليست المرة الأولى الذي يتم فيه إعلان وفاة مختطف تحت التعذيب في سجون الحوثيين، حيث سبق أن توفي العشرات نتيجة جلسات التعذيب القاسية التي يتعرضون لها، أو يتم تصفيتهم والتخلص من جثثهم، بالإضافة إلى استخدام المختطفين كدروع بشرية في مواقع تعرضت لقصف من مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن منذ مارس/آذار 2015.
وفي آخر تقرير لها كشفت رابطة أمهات المختطفين في أكتوبر/تشرين أول 2018 توثيقها لوفاة 128 حالة في سجون الحوثيين وتعرض 950 مختطف للتعذيب، وتصدرت صنعاء المركز الأول بين المحافظات، تليها محافظة الحديدة وتوزعت بقية الحالات على المحافظات الأخرى.
وكشف التقرير عن قصص تعذيب مروعة منها إدخال الإبر في أنوف بعض المختطفين، وإحراق بعضهم حتى تذوب جلودهم بالنار، فيما يتم إدخال ثعبان على المختطفين وهم مقيدو الأرجل، ما أصاب بعضهم بالسكري وأمراض متفاقمة، وتعرض بعض المخفيين للشلل ومشاكل صحية كثيرة في العظام أفقدتهم الحركة دون أن يتلقوا العلاج المناسب.
وتعد الأرقام والإحصائيات المنشورة هي عبارة عن حالات تم رصدها وتوصل إليها الناشطون إما عبر أسرهم أو مصادر أخرى، في الوقت الذي توجد حالات إخفاء قسري وتصفية في السجون لا أحد يعرف عنهم شيء، بينهم مواطنون عاديون تم تلفيق تهم كيدية بحقهم، وعلى إثر ذلك تم ايداعهم السجون وتعذيبهم بسبب تهم لم يقترفونها.
مفاوضات عمّان
بالتزامن مع اعلان وفاة مختطف تحت التعذيب في سجون الحوثيين بصنعاء، تعقد اجتماعات في العاصمة الأردنية عمّان بين الحكومة والحوثيين ضمن لجنة الأسرى المنبثقة من اتفاق ستوكهولم والمعنية ببحث آلية للإفراج عن المختطفين والأسرى من الجانبين بحسب الاتفاق الذي وقع في 13 ديسمبر/ كانون أول 2018، وتبادل الطرفين قوائم تضم 15 ألف أسير ومختطف.
ولايزال الاتفاق يدور في حلقة مُفرغة بالرغم من سلسلة الاجتماعات التي تعقد للمرة الثانية في الأردن والتي لا زالت منعقدة منذ الأسبوع الماضي، والتي كان من المفترض أن تنتهي الخميس 7 فبراير/ شباط الجاري، لكن الأمم المتحدة أعلنت استمرار الاجتماعات بشكل مفتوح حتى يتم التوصل إلى اتفاق.
ويعد اتفاق الأسرى ضمن ملفات بناء الثقة والتي يتعامل معها الأطراف اليمنية على أنها إنسانية بحتة لا علاقة لها بالتعقيدات السياسية للحرب، وهي مهمة متفق عليها من قبل الجانبين برعاية الأمم المتحدة لإنهاء معاناة آلاف الأسر التي تنتظر ذويها المختطفين والأسرى منذ سنوات، غير أن حالة عدم الثقة لازالت مسيطرة على النقاشات وعملية التفاوض المعقدة.
بشاعة التعذيب
واستخدم الحوثيون المساجد، والقلاع القديمة، والكليات، والنوادي وغيرها من المنشآت المدنية كمنشآت أولية يجري فيها احتجاز آلاف المعتقلين قبل نقلهم إلى السجون الرسمية، وفقاً لشهادات الضحايا ووكالات حقوق الإنسان. ورصدت رابطة أمهات المختطفين 30 مركزاً سرياً تطلق عليها المواقع السوداء، في صنعاء وحدها.
وكشفت تقارير وتحقيقات عمليات تعذيب مرعبة مارسها الحوثيون على المختطفين، منها الضرب بالسياط والأسلاك الكهربائية أو الأدوات الغليظة، الصعق بالكهرباء، ووضع المختطف في برميل ماء ووصله بالكهرباء، نزع أظافر اليدين والرجلين، الكي بالنار في أماكن متفرقة من الجسم، سحل المختطف من رجليه وهو مثبت من يديه، مما يتسبب في تمزيق الأعصاب والإصابة بالشلل، وفقا لتقرير "أمهات المختطفين".
وتكشفت وسائل التعذيب في "عبد الغني جهلان" من محافظة عمران، والذي تعرض للتعذيب وتوفى على إثره في أكتوبر/ تشرين الأول 2017، بعد أشهر فقط على اختطافه، وبعد استلام جثته من قبل أسرته، بعد شهرين من وفاته، وجدوا كسراً في جمجمته، وثقوبا في صدره وبطنه، وظهره محترق بالكامل، مع تفحم أجزاء كبيرة من جسده بما في ذلك وجهه.
وظهرت عشرات الحالات على وسائل الإعلام وكُشف تعرضها لوسائل تعذيب أشد بشاعة، كصب المواد الكيميائية (حمض الكبريتيك) على جسد الضحية بهدف إيلامه لإجباره على الحديث وأخذ الاعترافات منه اثناء التحقيق، أو لتشويهه وجعله معاق مستقبلاً كعقوبة له لمعارضته لهم.




التعليقات